[بعض من عهده (ع) إلى الأشتر]
ومن كلامه عليه السلام في عهده للأشتر: وليكن أحب الذخائر إليك ذخيرة العمل الصالح، فاملك هواك، وشح بنفسك عما لا يحل لك، فإن الشح بالنفس بالإنصاف منها فيما أحببت وكرهت، وأشعر قلبك الرحمة للرعية، والمحبة لهم والرفق لهم والرفق بهم، ولا تكونن عليهم سبعا ضاريا تغتنم أكلهم، فإنما هم صنفان إما أخ لك في الدين، وإما نظير لك في الخلق، يفرط منهم الزلل، وتعرض لهم العلل، ويأتي على أيديهم العمد والخطأ، فأعطهم من عفوك وصفحك مثل الذي تحب أن يعطيك الله من عفوه وصفحه، فإنك فوقهم ووالي الأمر عليك فوقك، والله فوق من ولاك وقد استكفاك أمرهم وابتلاك بهم، وفيه: لا تندمن على عفو ولا تبجحن بعقوبة، ولا تسرعن إلى بادرة وجدت عنها مندوحة، ولا تقولن إني مؤمر آمر فأطاع، فإن ذلك إدغال في القلب ومنهكة للدين وتقرب من الغير، وإذا أحدث لك ما أنت فيه من سلطانك أبهة أو مخيلة فانظر إلى عظم ملك الله فوقك وقدرته منك على ما لا تقدر عليه من نفسك، فإن ذلك يطأ من جماحك ويكف من غربك ويفيء إليك ما عزب عليك من عقلك.
وفيه: إياك ومساماة الله في عظمته والتشبه به في جبروته، فإن الله تعالى يذل كل جبار ويهين كل مختال. أنصف الله وأنصف الناس من نفسك، ومن خاصة أهلك ومن لك فيه هوى من رعيتك، فإنك إن لم تفعل ذلك تظلم، ومن ظلم عباد الله كان الله خصمه دون عباده ومن خاصمه الله أدحض حجته، وليكن أبعد رعيتك عنك وأشنأهم عندك أطلبهم لمعائب الناس ، فإن في الناس عيوبا الوالي أحق من سترها فلا تكشفن عما غاب عنك فإنما عليك يظهر ما ظهر لك، والله يحكم على من غاب عنك.
مخ ۱۰۱