[نماذج مضيئة من عدله وسياسته بعد توليه الخلافة]
ثم نعود إلى الباب ولما ولي أمير المؤمنين عليه السلام [15ب] الأمر عمد إلى بيت المال ففرق جميع ما فيه، ثم صلى فيه ركعتين، ولما دخل بيت مال (البصرة) قسم جميع ما فيه بالسوية، ثم أمر برشه وكنسه، وقال: اشهد لي عند الله أني لم أدخر عن المسلمين شيئا، ودخل عليه جماعة من أصحابه يوما، فقالوا له: لو أعطيت هذه الأموال وفضلت بها هؤلاء الأشراف ومن يخاف فراقه، حتى إذا استتب لك ما تريد عدت إلى ما عودك الله في الرعية والقسمة بالسوية؛ فقال [عليه السلام]: أتأمروني أن أطلب النصر بالجور فيمن وليت عليه من أهل الإسلام! والله لا أفعل ذلك ما سمر بنا سمير وما أرى في السماء نجما!! لو كان هذا المال لي لسويت بينهم فيه، كيف وإنما هي أموالهم، وروي أن أخاه عقيلا سأله شيئا من بيت المال فقال: إذا كان يوم الجمعة فأتني، فأتاه يوم الجمعة إلى المسجد وقد اجتمع فيه الناس فقال عليه السلام: ما تقول فيمن خان هؤلاء؟
فقال: أقول إنه رجل سوء.
فقال: إنك سألتني أن أخونهم أو كما قال.
وروي عن سويد بن غفلة قال: دخلت على علي عليه السلام بعد ما صار إليه الأمر، فإذا هو جالس على مصلى ليس في داره سواه فقلت: يا أمير المؤمنين، أنت ملك للإسلام ولا أرى في بيتك أثاثا ولا متاعا سوى مصلى أنت جالس عليه؛ فقال: يابن غفلة إن اللبيب لا يتأثث في دار النقلة، وأمامنا دار هي دار المقامة، وقد نقلنا إليها خير المتاع ونحن إليها منتقلون.
وعن بعضهم قال: رأيت عليا [عليه السلام] يطوف بالسوق وبيده الدرة، وعليه إزار فيه أربع عشرة رقعة بعضها من أدم.
وروي أنه [عليه السلام] كان وهو ب(العراق) يختم على سويق يشرب منه؛ فقيل له: أتصنع هذا وأنت ب(العراق) على كثرة طعامه؟
فقال: أما إني لا أختم عليه بخلا به، ولكني أخشى أن يجعل فيه ما ليس منه، وأكره أن يدخل بطني غير الطيب.
مخ ۹۹