[نماذج مضيئة من كلامه عليه السلام]
ومن كلامه كرم الله وجهه: (لا تكون غنيا حتى تكون عفيفا، ولا تكون زاهدا حتى تكون متواضعا، ولا تكون متواضعا حتى تكون حليما، ولا يسلم قلبك حتى تحب للمسلمين ما تحب لنفسك، وكفى بالمرء جهلا أن يرتكب ما نهي عنه، وكفى به عقلا أن يسلم الناس[12أ] من شره، وأعرض عن الجهل وأهله، واكفف عن الناس بما تحب أن يكف عنك، وأكرم من صافاك، وأحسن مجاورة من يجاورك، وألن جانبك، واكفف الأذى، واصفح عن سوء الأخلاق، ولتكن يدك العليا إن استطعت، ووطن نفسك على الصبر على ما أصابك، وألهم نفسك القناعة واتهم الرجاء، وأكثر الدعاء تسلم من سورة الشيطان، ولا تنافس على الدنيا ولا تتبع الهوى وعليك بالشم العالية تقهر من يناوئك).
وذكر في (الفصول المهمة) عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال: دخلت على علي كرم الله وجهه في بعض (علاته وقد نقه)، فلما نظر إلي قال لي: (يا جابر، من كثرت نعم الله عليه كثرت حوائج الناس إليه، فإن قام بها كما أمر الله تعالى عرضها للدوام والبقاء، وإن لم يعمل فيها بما أمر الله تعالى عرضها للزوال والفناء).
قال جابر: ثم هز بضبعي هزة خيل لي أن عضدي خرجت من كاهلي وقال: يا جابر، حوائج الناس إليكم من نعم الله عليكم، فلا تملوا النعم فيحل بكم النقم، واعلموا أن خير المال ما أكتسب حمدا وأعقب حمدا ثم أنشأ يقول:
فإن ذلك نقص منك في الدين
فإنما هي بين الكاف والنون
لا تخضعن لمخلوق على طمع
واسترزق الله مما في خزائنه
قال جابر : فهممت أن أقوم فقال: وأنا معك يا جابر، فلبس نعليه وألقى إزاره على منكبيه، وخرجنا معا نتساير فذهب بنا إلى الجبانة في (الكوفة)، فسلم على أهل القبور، فسمعت ضجة وهدة، فقلت: ما هذه يا أمير المؤمنين؟
مخ ۸۳