مطمح الآمال فی ایقاظ جهله العمال من سیرت الضلال
مطمح الآمال في إيقاظ جهلة العمال من سيرة الضلال
ژانرونه
الثالثة من المفاسد التي ينبغي إهمالها والتيقظ لمراد المحتج بها من العمال وغيرهم ما صاروا يأخذونه من الأئمة وأبناء الأئمة من الشيم المحالة على العادة، وما يلقنونه ولاة الأمر الكبار حتى الأئمة في مبادئ أمرهم[123أ] من إجراء الناس على العادة في جميع أمورهم موهمين للأئمة أنهم يريدون بذلك نظم أمور الخلق وصونها عن الاختلال، وأنهم لا يريدون بهذه العادة إلا ما جرى عليه الأئمة السابقون وجاءت به الشريعة في جميع القرون؛ وهذه من المفاسد التي عم ضررها الدين والدنيا، واجتحفت بها أموال الله وأكلها غير أهلها، وخولف بها نص الله في كتابه الكريم، وما كان عليه نبيه الأمين والأئمة من عترته المطهرين -صلوات الله عليهم أجمعين- وهي أصل هذه المفاسد التي ذكرنا شيئا منها ونذكر ما بقي منها -إن شاء الله- وهي أيضا العذر للأئمة عليهم السلام في سكوتهم عما جرت به هذه العادة من هذه المفاسد حتى ظن كثيرون رضا الأئمة بها، وتقريرهم لها؛ ومفاسد هذه العادة التي بالغ العمال في ثبوتها كثيرة، منها: أن العمال قد أحدثوا لأنفسهم -على وجه الغرر للأئمة السابقين- أمورا عظيمة من أموال الله سبحانه يأخذونها من عين الزكاة المحرمة لهم ولمن يلوذ بهم، جرت عادتهم بسبب نيابتهم في الجهات التي هم فيها بأخذها منها، وهذه العادة التي تعودوها مما لا ينازعهم فيها منازع لمكان عمالتهم؛ فإذا أحالوا ما يأخذونه من الشيم على هذه العادة ففي طي ذلك اجتحاف أموال الفقراء والمساكين، واستغراق ما فرضه الله لثمانية الأصناف من الزكوات والأعشار وغيرها؛ والعادة هذه التي يدعونها تقضي لهم بأخذ ذلك كله مقدما على[123ب]جميع الأمور والوظائف، وهذه مفسدة مخالفة لما أمر الله به في كتابه، ولما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ومن بعده من الأئمة الهادين عليهم السلام ولو علم به من صدرت عنهم تلك الشيم من الأئمة عليهم السلام لأنكروه وحرموه ونهوا عنه، ومنها ما تعودوه مما ضربوه على المسلمين لأنفسهم زائد على ما فرضه الله عليهم مما يسمونه السياقة يأخذونه مع الزكاة المفروضة إذا نسب إليها جاء مثل ثمنها في بعض الجهات، ومثل نصف ثمنها في بعضها، وتهوروا في ذلك حتى صاروا يأخذونها زائدا على آدابهم ونفائعهم التي يأخذونها من المسلمين على الوجه الذي سبق أول الكتاب، وهي مثل نصف عشر ما يعاقبون به من المال.
ومن الغرائب ما وقع لبعض العوام من إفتاء الولاة والنواب في تحليل هذه السياقة التي هي غير مال المسلم المحرم من كونها في مقابل الإيصال؛ ولم يدر ما المراد بالإيصال، فإنه عبارة عن أمر الإمام للمزكي بإيصال زكاته إليه.
والمذهب وجوب الإيصال عليه إن طلب ولم يبعث الإمام السعاة في طلبها، أما إذا بعث السعاة في طلب الزكاة فالإجماع على أنه لا يجب على المزكي إلا تأديتها إليهم، فإذا أداها إليهم سقط وجوب الإيصال؛ لأن آية إيتاء الزكاة مجملة بينها فعله صلى الله عليه وآله وسلم ببعث السعاة وبحديث: ((لا جلب ولا جنب...الحديث)) وفيه ((ولا تؤخذ إلا في دورهم)) وهو صريح في نفي وجوب الإيصال عند بعث السعاة، ومعنى لا جلب: أنه لا يجب عليهم جمعها إلى موضع المصدق، ولا جنب: أي ولا يتعدوا بها إلى الأماكن البعيدة ولذا [124أ].
مخ ۴۳۶