وكل مسلم منهي بحكم دينه أن يقتفي آثار الأمم الذين حكموا فيهم رؤساء دينهم و
اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله [التوبة: 31]. •••
فليس لرئيس الدين في الإسلام من فضيلة غير فضيلة العلم والموعظة الحسنة، وتنبيه الغافلين من ذوي السلطان:
وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون [التوبة: 122]، وتلك هي الفريضة العامة التي يندب لها من يقدر عليها من ورثة الأنبياء وهم
أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون [آل عمران: 104]. •••
هذا موقف للإنسان في الكون كله بين يدي الله بغير وساطة، ولا فاصل، ولا حجاب، تقدم به الإسلام ولم تمهده له البادية ولا المدينة، ولكنه نتيجة من تلك النتائج الإلهية الكثيرة التي تقصر عنها السوابق والمقدمات.
الفصل السادس
دين الإنسانية
قلنا في صدر هذه الرسالة إننا نتتبع فيها المقدمات ونقسمها إلى قسمين: مقدمات كافية لتفسير النتائج التي تأتي بعدها، ومقدمات غير كافية لا تفسر جميع النتائج التي تلحق بها، وقد تبدو هذه النتائج كأنها منقطعة عن تلك المقدمات، أو مستغنية عن تفسيرها.
ونحن نرى في فصول هذه الرسالة تفاوتا بين المقدمات في كفايتها، ولكنه لم يبلغ قط مبلغ التفاوت في مقدمات دين الإنسانية، ولا في مقدمات النبوة كما بسطناها في موضعها، فلو أن جميع الأديان التي عرفها الناس قبل الدعوة المحمدية وضعت أمام الباحثين يومئذ، لما استطاعوا أن يستخلصوا منها ظهور دعوة دينية تخاطب أمم الإنسانية جميعها من جزيرة العرب على الخصوص.
ناپیژندل شوی مخ