أولئك أصحابي فجئني بمثلهم... إذا جمعتنا يا جرير المجامع ثم ساق البغدادي كلاما غريبا من هذا القبيل حتى قال ما لفظه: وحتى جعل كل فريق يروي السنة في تفضيل إمامه، فالمالكية رووا: ((يوشك أن يضرب الناس الإبل فلا يوجد عالم مثل عالم المدينة)) (1)، قالوا: وهو مالك. والشافعية رووا: ((الأئمة من قريش، وتعلموا من قريش، ولا تعلموها، وعالم قريش يملأ الأرض علما))، قالوا: ولم يظهر من قريش بهذه الصفة إلا الشافعي. والحنفية رووا: ((يكون في أمتي رجل يقال له: النعمان(2)، هو سراج أمتي، ويكون فيهم رجل يقال له: محمد بن إدريس هو أضر على أمتي من إبليس)). والحنابلة رووا: ((يكون في أمتي رجل يقال له: أحمد بن حنبل يصبر على سنتي صبر الأنبياء)) أو كما قال ذهب عني لفظه. انتهى ما أردت نقله من كلام نجم الدين البغدادي، وهو رجل جليل، ترجم له الأسيوطي، وعدله من التصانيف مختصرا (الروضة) في الأصول، و(شرح الأربعين)، و(شرح التبريزي في مذهب الشافعي)، وغير ذلك، مات في رجب سنة عشر وسبعمائة، ومثل ما ذكره بل أضعافه قد ذكره الجويني، ولو لا خوف الإطالة لذكرت بعض ما قال.
وأما الاستقصاء فهو يخرج بنا عما أردناه، فإنه صنف كتابا على أبواب الفقه في إظهار عوار مذهب الإمام أبي حنيفة، وقد أجاب عليه بمثل ذلك من الحنفية الشيخ الكردي، ولقد تكلم الجويني بمثالب للإمامين مالك وأبي حنيفة، لا يجوز تقليدهم معها، والله يصونهم عنها، وليس هذا من غرضنا، لكن الحديث (ذو)(3) شجون.
مخ ۱۱