مطلع البدور و مجمع البحور
مطلع البدور ومجمع البحور
ژانرونه
تأم بنا البيت الحرام كأنها ... قسي ترامى في أعنتها جردا إذا لفحت(1) الهجير جبينه الوضاح، وألغب تواصل المسير جواد همته الوقاح، وشكا إليه فلذة كبده الصغير سموم تهامة اللفاح، ورقت سنة الكرى في عينه، وأظهر السري ما أبطن من كلاله وأينه، ضرب همته بسوط الأشواق، وأقام نفسه في مقام العبودية على وثائق الأسواق، وحداها بقول من قال من الحذاق:
أسعد أخي وغنني بحديث من ... حل (الأباطح) إن رعيت إخائي
وأعده عند مسامعي فالروح إن ... بعد المدى يرتاح للأنباء
وإذا إذا ألم ألم بمهجتي ... فشذا أعيشاب الحجاز دوائي
وإذا أنضى طي المراحل ركائبه الرواحل وأنصب، تطلع قطع السبائب بواضحة /134/ النجاب، فلم يبق منها إلا جلود على عظام شواحب، حاطت ضميره المليحة المحجوبة، والكعبة المنصوبة التي وجه إليها وجه شعره وصلواته، وواصل إليها السرى في روحاته وغدواته:
أتيناك نجتاز الفيافي طلائحا ... قلائصنا حتى لقد أدها الرحل
إذا ما ذكرنا في ضنى الحزن أننا ... إليك قصدنا عاد وهو لنا سهل
فكأنما أنشط ذكراها عقاله، وأذهب ما تجلى من أنوارها في أسراره (أينه وكلاله)، فأهرق كأس منامه، وانتهز فرصة اغتنامه، إذا صعد (نشزا) هلل وكبر، وإذا هبط لبى تلبية، بعد تلبية وأسديت إليك مقتديا بابن عمر، إليك تعد قلقا وضينها، معترضا في بطنها جنينها، مخالفا دين النصارى دينها، وإذا أسهل وأصعد، فكأنه سيف على علم يسل ويغمد، ترنحه القلاص في (وخدانها)، وتمايله تمايل الغصون على كثبانها، فما أحقه بما تمثل به أبو حفص عمر حين جعلت ناقته تعليه وتخفضه، وتبسطه وتقبضه:
مخ ۲۴۳