فالجواب: أن يقال ليس هذا وجه المنع وإنما وجهه إنها حكاية مجهولة عن مجهول وهذا جنس إسناد الأكاذيب فلو قيل من هؤلاء العظام وما أسماؤهم وما زمنهم وما طبقتهم لمن يدر عنهم وأخبار المجهولين لا تقبل شهادة ولا رواية يقظة فكيف إذا كانت أحلاما والمعترض كثيرا ما يحكي عن هيا بن بيا ثم قال المعترض على قول المجيب وطلب الشفاعة من النبي ﷺ ممتنع شرعا وعقلا قال المعترض من أين هذا الامتناع وما دليله من العقل والسمع.
فالجواب: أن يقال معلوم أن دليله من الجهتين لا تعرفه أنت ومن مثلك وإنما معرفتك في اللجاج الذي هو كالعجاج الذي يحوم في الفجاج.
أما دليله من السمع فقد تقدم في آيات سورتي الزمر ويونس وغيرها وقد بسطنا القول في ذلك بما يغني عن إعادته فليرجع إليه.
وأما دليله من العقل فالعقل الصحيح يقضي ويحكم بما يوافق النقل بأن النجاة والسعادة والفلاح وأسباب ذلك كله لا تحصل إلا بالتوجه إلى الله تعالى وحده وإخلاص الدعاء والالتجاء له وإليه لأن الخير كله بيده وهو القادر عليه وأما المخلوق فليس في يده من هذا شيء كما قال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ﴾ فتسوية المخلوق بالخالق خلاف العقل كما قال تعالى: ﴿أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لا يَخْلُقُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ﴾ فالذي له الخلق والأمر والنعم كلها منه وكل مخلوق فقير إليه لا يستغني عنه طرفة عين هو الذي يستحق أن يدعى ويرجى ويرغب إليه ويرهب منه ويتخذ معاذا وملاذا ويتوكل عليه.
1 / 66