وأعلم أنه قال لما ذكر قول المجيب أنه لا يجتمع الإيمان بالآيات المحكمات وتلك الأبيات لما بينهما من التنافي والتضاد وقال المعترض أقول يجتمعان بأن يفرد الله بالعبادة ولا يقدح فيه تشفعه بأحباب حبه إليه وكيف يحكم عليه بالضلال بمجرد طلبه الشفاعة ممن هو أهل لها كما في الحديث أنا لها أنا لها ومعلوم أن الضلال ضد الحق.
فالجواب لا يخفى ما في كلامه من التخليط والتلبيس والعصبية المشوبة بالجهل المركب حيث أنه لا يدري ولا يدري أنه لا يدري.
وقد بينا فيما تقدم أن دعوة غير الله ضلال وأن اتخاذ الشفعاء الذين أنكر الله تعالى إنما هو بدعائهم والالتجاء إليهم والرغبة إليهم فيما أراده الراغب منهم من الشفاعة التي لا يقدر عليها إلا الله وذلك ينافي الإسلام والإيمان بلا ريب فإن طلبها من الأموات والغائبين طلب لمما لا يقدر عليه الا الله من غير الله وهو خلاف لما أمر به تعالى وارتكاب لما نهى عنه كما تقدم بيانه في معنى قوله تعالى: ﴿وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ﴾ الآية وقوله تعالى: ﴿قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلا تَحْوِيلًا﴾ الآية وقوله تعالى: ﴿مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى﴾ فطلب الشفاعة من النبي ﷺ أو غيره بعد وفاته وبعده عن الداعي لا يحبه الله تعالى ولا يرضاه ولا رسوله ﷺ وهو التوسل الذي ذكره العلامة ابن القيم وشيخه وصرحا بأنه شرك وللعلامة ابن القيم أبيات في المعنى وهي قوله:-
والشرك فهو توسل مقصود الزلفى من الرب العظيم الشأن
بعبادة المخلوق من حجر ومن ... بشر ومن قبر ومن أوثان
والناس في هذا ثلاث طوائف ... ما رابع أبدا بذي إمكان
1 / 61