مطالع التمام

قاضي شماچ d. 833 AH
212

مطالع التمام

مطالع التمام ونصائح الأنام ومنجاة الخواص والعوام في رد إباحة إغرام ذوي الجنايات والإجرام زيادة على ما شرع الله من الحدود والأحكام

ژانرونه

فقه

والمقام الآن مقام استنباطه الحكم الشرعي لا مقام لاستبدال على أن هذا من النظر المصلحي. وقد بدأناك بتبيان أن الأحكام الربية والقضايا الإلاهية لا تعرى عن المصالح التي تقتضي الحكمة الإلهية، وإن خفيت مداركها، وضاقت عن الأفهام مسالكها، فلابد أن يعلم الإنسان أن الحامل لمن يريد قهره على ماله نوع من الأنواع المثيرة لغبطته، وأن إزالة ما به الغبطة أصلح له وأعود بنفعه، وكذلك في مال ولده ويتيمه قاضيا كان أو وصيا، وأذكر منهما ولي اليتيم والتحاكم في أن هذا مصلحي أو لا، شهادة أهل النظر في الأموال، والتعارف في ذلك بينهم، فلم يبق في ذلك إلا تلاوة الآية على معنى الاستئناس، وقطع ضرب من عسى أن تشتد شكيمته في ذلك من الناس. وأين هذا مما تختلف فيه الشرائح، أعني كون الشيء أعود على المال بالبقاء، وكون المصالح سببا لاستبقاء. ولإن سلم أن الآية في باب الحكم الشرعي، وأنه مما تحل فيه الشرائع، فإن شرع من قبلنا شرع لنا، فأين العقوبة بالمال؟، وأي نوع هذا من أنواع الاستدلال؟. هاهنا إلا قتل من علم قطعا ما هو عليه من الكفر والطغيان، وخرق السفينة مصلحة لأهلها، وإقامة جدار اليتيمين من الإحسان.

فإن قلت : إن كان الأمر على ما قلت دليلا مضمحلا، وعيا على قائله وكلا، فما تصنع في الصحيح عن ابن عباس رضي الله عنه كتب إلى نجدة، إذ كتب إليه يسأله: هل كان رسول الله صللى الله عليه وسلم يقتل الصبيان، وكتب: تسألني عن قاتل الولدان، وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن يقتله، وأنت فلا تقتلهم إلا أن تعلم ما علم صاحب موسى عليه السلام من الغلام فقتله(¬1). وظاهر هذا أنه عرض الآية لاستنباطه حكم القتل منها.

مخ ۲۹۵