مطالع التمام
مطالع التمام ونصائح الأنام ومنجاة الخواص والعوام في رد إباحة إغرام ذوي الجنايات والإجرام زيادة على ما شرع الله من الحدود والأحكام
ژانرونه
الرابع: إن هذا لوسلمت صحته فهو عقوبة بإتلاف محل المعصية، وأن هذا من أخذ المال منه وجلعه في بيت المال أو تحجيره عليه، إلى أن يتوب أو يتصدق به. ولهذا وقعت عبارة ابن رشد في المواضع كلها بالعقوبة في المال لا بالعقوبة بالمال، وإتلاف محل المعصية لا يناقض ما علم من مذهب مالك وغيره، وانعقد الاجماع أن الذنب لا يحل مال المسلم لعصمته، فإنه ليس في الإتلاف استحلال بوجه، بخلاف ما جاء به المملي، فإنه مخالف لتلك النصوص والإجماعات من وقوع العقوبة فيه تابعة لدرء المفسدة الذي هو المقصود بالذات، لا ينافي قواعد الشرع بوجه. ولهذا رجحنا طرح عمر رضي الله عنه للمغشوش، واذهاب الغش بالاتلاف أن لم يتأت غيره عن التصدق به. على أن هذا حجة على أن المستدل في قول مالك، فإنه لم ير في هذا عقوبة غير إحراق البيت، مع أن هذا الخمار المعتاد لبيع الخمر الغالب عليه استغراق ذمته بثمن الخمر وكان جديرا بأن يؤخذ ماله أو ما يظن به ذلك، أعني حصل ماله من أثمان الخمر ويتصدق به. إلا أن مالكا رحمه الله أقوم سبيلا من أن يستبيح مال المسلم بالشك العارض، مع أن يقين العصمة له بالإسلام، فليس ممن يطرح يقينا، لاشك بشك لايقين فيه. وعدوله عن مثل ما حكم به المملي إلى ما رآه من الإتلاف في شاذ قوله، وعدوله أيضا عن الإحراق في مشهور قوله، مانع من أن يخرج له ذلك الذي عدل عنه، وهو على خلاف نصه، فلا معنى لحمل نصوصه على التدافع والتناقض، مع انتفاء ذلك عنها في أصول شرعية محققة إجماعية.
قال: قلت: وعليه اجراها ذوو البغاة من الزناة بتونس اليوم إذ اشتهر ذلك عنهم.
أقول: هذا يقتضي أن ذلك أما حكم شرعي في المسألة، أو صادف فاعله حكما شرعيا، وفيهما معا نظر.
مخ ۲۵۵