227

مطالع بدریه

المطالع البدرية في المنازل الرومية

ایډیټر

المهدي عيد الرواضيّة

خپرندوی

دار السويدي للنشر والتوزيع،أبو ظبي - الإمارات العربية المتحدة،المؤسسة العربية للدراسات والنشر

شمېره چاپونه

الأولى

د چاپ کال

٢٠٠٤ م

د خپرونکي ځای

بيروت - لبنان

ژانرونه

جغرافیه
الأسباب والأمتعة والجماعة على أنّنا نبكر لهم صباحًا، ونركب معهم غدوًا ورواحًا،
فأمطرت السماء تلك الليلة مطرًا غزيرًا، صارَ منه الوادي غديرًا، واستمر يوم الأربعاء ثم ليلة الخميس معًا، ثم أسفر وجه الخميس ووجه الجو في غاية التعبيس، وعيون المزن ذارفة، وسقف الأفق واكفة، والقلوب من ذلك راجفة واجفة، الى أن تعالى النهار، وكاد جرف الصبر ينهار، فكف حينئذٍ الوبل، وتنازل الى مرتبة الطل، والشّمس من خلل السحاب تظهر كالحسناء في النقاب أو مثل عذراء تبرز وتستتر بالخباء، أو كما قال الشريف ابن طباطبا:
متى أبْصَرْتَ شمسًا تحتَ غَيمٍ ... ترى المرآةَ في كفِّ الحسُودِ
يُقَابلُها فيكسبها غِشَاءً ... بأنفاسٍ تزايدُ في الصُّعُودِ
فعزمنا على الرحيل، والتجول في برد الأصيل، وخرجنا وقت العصر من تلك المدينة، قاصدين في زعمنا الركوب في السفينة، وذلك يوم ثامن عشرين صفر ختم بالخير والظفر، وأخذنا في السير والترحال، والقلب في غاية الأوجال من تلك الأوحال والأحوال، فلمّا وَصَلنا إلى قرب الساحل التي السفينة به، تلقّونا الجماعة، ومالوا بنا إلى قرية هناك بقربه يقال لها ينكيجه باللغة الرُّوميّة، ومعناه الجديَّدة بالتصغير في اللغة العربيّة، وقالوا لنا: استريحوا هنا في هذا المكان، وعرّفنا الجماعة أنّه كذب في قوله وَمَان، فنزلنا هناك ببيت عالٍ من الدفوف، متخرق الحيطان والسقوف، تتناوح به رياح الجنوب والشمال، من العلو والسفل واليمين والشمال، فلم نزل بذلك المكان ثلاثة عشر يومًا، لا نجد بالنهار راحة ولا نذوق بالليل نومًا، ونحن في أسوء الأحوال، وأشدّ الأوجال، من تلك الأمطار والأوحال، وقد اشتد البرد، وبلغ الجد وفرغ الجهد، ووقع الثلج على الجبال حوالينا، ووصلت

1 / 247