190

مطالع بدریه

المطالع البدرية في المنازل الرومية

ایډیټر

المهدي عيد الرواضيّة

خپرندوی

دار السويدي للنشر والتوزيع،أبو ظبي - الإمارات العربية المتحدة،المؤسسة العربية للدراسات والنشر

شمېره چاپونه

الأولى

د چاپ کال

٢٠٠٤ م

د خپرونکي ځای

بيروت - لبنان

ژانرونه

جغرافیه
ذكر الرحلة الأزنكمودية
ثم لمّا سافرَ السُّلطان، وتعطّل من قضاء الأشغال المهمّة الديوان، وكان الهواء قد تغيّر، والجو بالوخم قد تكدّر، وظهر الوباء ونشا، وكثر الطاعون وفشا، وتحوّل النسيم سَمومًا، وصارت المياه سمومًا، وانقلب زلالها حميما، ومن يتبرد بها محموما، ولا يسأل حميم حميما، فَوصِفَتْ لنا بلدة أزنكمود بلطافة الهواء، وعذوبة الماء، وقلة الوباء، وطيب البقعة، وارتفاع الرقعة، وتناهي الرفعة، وسلامة الطبائع، وسعة المرابع والمراتع، وكثرة المنازه وأنواع الفواكه، فاستخرنا الله تعالى في السفر إليها والحلول لديها، إلى أن يعتدل الزمان ويعود السُّلطان. فتوجهنا إليها صحبة المولى السيد المشار إليه، أسبغ الله تعالى نعمه عليه، وخرجنا من المدينة، ونزلنا في السفينة ضحى يوم الاثنين المكرم ثاني عشر شهر الله المحرم سنة سبع وثلاثين وتسعمائة من هجرة النبي ﷺ، وركبنا ذلك البحر وما رهبناه، واستصحبناه وما استصعبناه، وسرنا فيه في أطيب هواء، وأحسن استواء، وقد سكن هائجه وركد مائجه، وصلح مزاجه وحسن علاجه، وتلك تجاريه المشية تتبختر تبختر الجارية الناشية، وتنساب في الجناب كالحُبَاب، وتأتي من الحركة في صورة السكون بالعجب العُجَاب، فتحسبها جامدة وهي تمر مرَّ السحاب، ثم سكن الريح حتى كأنه ميت، وصار البحر كأنه قعبُ لبن أو زيت:
قد كانَ بحرًا قبل ذلك زاخرًا ... فغدا بذلك وهو برّ مقفر
وكان النهار قد قضى، ووفى دينه وقضى، وذهب مُهرولًا ومَضى، وأشرف القمر

1 / 210