وقوله: "الَّذِي لَا يَعْجَلُ شَيءٌ أنَاهُ وقَدَّرَهُ" (١) أي: وقته، ومنه قوله تعالى: ﴿غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ﴾ [الأحزاب: ٥٣] فإذا فتحت الهمزة في أوله مددت النون فقلت: الأناء والهمزة في أوله مقصورة، وقد اختلف الشيوخ في ضبط هذِه الجملة، فالذي ذكرناه أولًا هي رواية عبيد الله عن أبيه يحيي بن يحيي: "يَعْجَلُ شَيءٌ إِنَاهُ وقَدَرَهُ" بفتح الياء ورفع "شَيءٌ" وكسر الهمزة من "إِنَاهُ" مع القصر وفتح القاف والدال، ورواه القنازعي: "يُعْجَلُ" بضم الياء وسكون العين وفتح الجيم مبنيٌّ لما لم يسم فاعله، ورواه ابن وضَّاح: "شَيْئًا" مفعولًا "يَعْجِلُ شَيْئًا إِنَاهُ" و"إِنَاهُ" الفاعل، أي: لا يسبق وقتٌ شيئًا قدره الله فيه، وكلهم يقول: "إِنَاهُ وقَدَرَهُ" بهمزة كما تقدم.
وقال الجِيَّانِي: رواه بعضهم: "يُعَجِّلُ - بشد الجيم - شَيْئًا (٢) آنَاهُ وقَدَّرَهُ" بهمزة ممدودة في أوله وألف مقصورة بعد نونه، وهو فعل ومفعول بمعنى: وقته وقدره فعل ومفعول أيضًا.
وقول علي ﵁: "أَمَا آنَ لِلرَّجُلِ أَنْ يَعْرِفُ مَنْزِلَهُ" (٣)، وروي: "أَلَمْ يَأْن" كقول حسان: "أَلَمْ يَأْن وقَدْ آنَ أَنْ تُرْسِلُوا لهذا الأَسَدِ الضَّارِبِ بِذَنَبِهِ" يعني: لسانه، ومعناه كله: حان ويحين ويأتي حينه وأوانه ووقته، وحان وآن: جاء وقته، ومنه: ﴿أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا﴾ [الحديد: ١٦] يقال: أَنَى يَأني، وآنَ يَئِينُ، ونَالَ وأَنَالَ، كله بمعنى واحد. ورُوِيَ في حديث علي:
(١) "الموطأ" ٢/ ٩٠١.
(٢) في النسخ: (شيء)، والمثبت من "المشارق" ١/ ١٢٦.
(٣) البخاري (٣٥٢٢، ٣٨٦١) ولفظه: "أَمَا نَالَ" وسيأتي، مسلم (٢٤٧٤) ولفظه: "مَا أَنَى".