وقف مرتكزا على فأسه، وأشار بيده إلى ناحية الشرق، وأخذ يصيح: «هذا الشيطان الذي سلب روح أرضي، بل امتص أرواحنا؛ إنه شيطان وقح أخذ مزرعتنا، وظل واقفا، كأنه يتحدانا، سأحطمه، بفأسي، بجسدي ...»
حاول أن يهجم على الشيطان، ولكن في هذه اللحظة حضنه أبي، فصار يتموج، ويصارع أبي ليفلت منه، ويهجم على الجدار الذي قسم مزرعتنا إلى نصفين.
أبي وعمي حملا جدي إلى أقرب ظل شجرة.
زرع جدي أشجار اللوز حول المزرعة، وأذكر مشهد أشجار اللوز، وهي تلف المزرعة كأنها راقصات باليه، ترقص لثمرة الكرنب. في مزرعتنا ستون شجرة، كلما احتفل جدي وجدتي بيوم زواجهما زرعا شجرة، وكلما أنجبا طفلا احتفلا بزراعة شجرة أخرى، وأغلب ما زرع على محيط مزرعتنا أشجار اللوز.
زرع جدي كل ثمار الأرض الموسمية، وكانت جدتي ملهمته في اختيار ما يزرع، تشير عليه بزراعة نوع الثمرة. في بادئ الأمر كان جدي يرفض، لأن في اعتقاده: «كيف أرد على امرأة؟»
ثم يوافق نهاية الأمر؛ لأن المشاورات تكون قبل مناسبة عيد الزواج بأيام، فيقبل جدي بالأمر، ويهدي المزرعة شجرة جديدة، شجرة لوز، بالإضافة إلى زراعة الثمرة التي اختارتها جدتي للموسم الجديد.
بدون إزعاج
جدتي تحب الهدوء، وأكثر عبارة كانت ترددها: «بدون إزعاج.»
يا الله، كم كانت تحب الهدوء! حبها للهدوء جعلها منظمة جدا، وكل شجرة كانت تعتني بها، تحولها إلى سيدة أنيقة فريدة، لها طراز خاص جدا. ثمار وشجيرات جدتي مميزة عن غيرها أيضا، وهي مثال للهدوء في البلدة.
هدوءها علمها كيف تتأمل، وتتنبأ ببعض الأشياء بحاستها السادسة. تشعر بقدوم الماء بالخراطيم قبل وصولها إلى المزرعة. في الصباح ترتدي ثيابا ثقيلة، رغم أن الجو مشمس، وحين يقول لها جدي: «الجو حار، هل أنت مجنونة تلبسين ثيابا ثقيلة؟»
ناپیژندل شوی مخ