د مسرح علي الكسار (الجزء الثاني): علي الكسار ... او د هنري ځلاندنې مرحله
مسرح علي الكسار (الجزء الثاني): علي الكسار … ومرحلة التألق الفني
ژانرونه
المقدمة
تمهيد
علي الكسار ... ومرحلة التألق الفني
موسم 1925-1926
موسم 1926-1927
موسم 1927-1928
موسم 1928-1929
موسم 1929-1930
موسم 1930-1931
موسم 1931-1932
ناپیژندل شوی مخ
مجمل بقية المواسم
نتائج الدراسة
مسرحيات قام ببطولتها علي الكسار في مرحلة التألق الفني1
رواية الطمبورة1
رواية 28 يوم
رواية أبو زعيزع
رواية ابن فرعون
رواية أبو النواس
رواية نصيحة عالهامش
رواية مافيش منها
ناپیژندل شوی مخ
رواية قاضي الغرام
رواية عمرو بن العاص فاتح مصر
المقدمة
تمهيد
علي الكسار ... ومرحلة التألق الفني
موسم 1925-1926
موسم 1926-1927
موسم 1927-1928
موسم 1928-1929
موسم 1929-1930
ناپیژندل شوی مخ
موسم 1930-1931
موسم 1931-1932
مجمل بقية المواسم
نتائج الدراسة
مسرحيات قام ببطولتها علي الكسار في مرحلة التألق الفني1
رواية الطمبورة1
رواية 28 يوم
رواية أبو زعيزع
رواية ابن فرعون
رواية أبو النواس
ناپیژندل شوی مخ
رواية نصيحة عالهامش
رواية مافيش منها
رواية قاضي الغرام
رواية عمرو بن العاص فاتح مصر
مسرح علي الكسار (الجزء الثاني)
مسرح علي الكسار (الجزء الثاني)
علي الكسار ... ومرحلة التألق الفني
دراسة
سيد علي إسماعيل
المقدمة
ناپیژندل شوی مخ
منذ نصف قرن مضى انتقل إلى رحمة الله تعالى، الفنان المسرحي الكوميدي المميز علي الكسار، الذي اشتهر في زمنه بشخصيته الفنية الفريدة «عثمان عبد الباسط ... بربري مصر الوحيد». ووفاء من الابن الأستاذ ماجد الكسار تجاه أبيه، ورغبته في إحياء ذكرى والده بصورة غير مسبوقة، توجه هذا الابن إلى المركز القومي للمسرح والموسيقى والفنون الشعبية، باعتباره ذاكرة الأمة في مجال الفنون المسرحية، فأهداه مجموعة من المخطوطات المسرحية الخاصة بفرقة والده علي الكسار؛ لتكون نموذجا للموضوعات المسرحية التي كانت تتهافت على رؤيتها جماهير المسرح في الثلث الأول من القرن الماضي.
وبناء على رغبة ماجد الكسار، شمر الدكتور «سامح مهران» - رئيس المركز القومي للمسرح - عن ساعده، وهداه تفكيره إلى إحياء الذكرى الخمسين لعلي الكسار بصورة عملية علمية، بعيدا عن الأساليب المتبعة من إقامة ندوات أو إلقاء الكلمات التأبينية هنا أو هناك، حيث قرر نشر هذه النصوص - بناء على رغبة ماجد الكسار - وإخراجها في مجلدين تخليدا لذكرى بطلها، وخدمة للعلم وللدارسين، ممن تشوقوا لقراءة الأعمال المسرحية الخاصة بالفنان علي الكسار.
وكم كانت سعادتي عندما كلفني الدكتور سامح مهران رئيس المركز بكتابة دراسة ترفق بهذه النصوص، خصوصا أن المركز لأول مرة يقوم بهذا العمل الضخم، وهو نشر ثماني عشرة مسرحية دفعة واحدة. وهذا العدد يقارب عدد جميع النصوص المسرحية التراثية التي نشرها المركز منذ إنشائه حتى الآن. وهذا الأمر ربما يكون مستغربا في الماضي، ولكن الآن يعتبر هذا النشاط الضخم، أحد الإسهامات الطبيعية التي يسهم بها المركز كل يوم في ظل إدارته الحالية.
ورغم ثقل هذه المهمة على كاهلي، إلا أنني اقترحت على المركز تقسيم النصوص إلى قسمين، كل قسم يمثل مرحلة من تاريخ الكسار الفني. فالجزء الأول اشتمل على نصوص مثلت أيام اشتراك الكسار مع أمين صدقي في تكوين فرقتهما المعروفة في ذلك الوقت باسم «جوق أمين صدقي وعلي الكسار»، الذي بدأ نشاطه عام 1916، والنصوص المنشورة في الجزء الأول، هي: «أحلاهم»، «فهموه»، «البربري في الجيش»، «الهلال»، «هو أنت»، «إديني عقلك»، «سوء تفاهم»، «دولة الحظ»، «الغول».
أما الجزء الثاني - الذي بين أيدينا الآن - فيشتمل على نصوص المرحلة التالية، وهي مرحلة تكوين الكسار لفرقته الخاصة، التي عرفت باسم فرقة علي الكسار، وبدأت نشاطها عام 1925، والمسرحيات المنشورة في هذا الجزء هي: «الطمبورة»، «28 يوم»، «أبو زعيزع»، «ابن فرعون»، «أبو النواس»، «نصيحة عالهامش»، «مافيش منها»، «قاضي الغرام»، «عمرو بن العاص فاتح مصر».
وبناء على هذا التقسيم، قمت بكتابة دراسة تاريخية في جزأين، بحيث يمثل كل جزء مرحلة من التاريخ الفني للكسار، فأطلقت على الدراسة الأولى «علي الكسار ... ومرحلة الصمود الفني»، وأطلقت على الأخرى «علي الكسار ... ومرحلة التألق الفني»، حتى يطلع القارئ على تاريخ هذا الفنان، وتاريخ هذه النصوص، وليحيا تاريخ مسرحنا الكوميدي في أعماقه، ويطلع على صفحة من ذاكرتنا القومية الفنية. فالشكر لماجد الكسار الذي أهدى المركز مخطوطات النصوص المسرحية المنشورة في هذين الكتابين، والشكر الجزيل للدكتور سامح مهران، الذي برهن - ويبرهن كل يوم - أن المركز القومي للمسرح والموسيقى والفنون الشعبية، هو بحق الصرح الشامخ الحامي لذاكرة مصر الفنية عموما والمسرحية بوجه خاص، وأنه درة في جبين وزارة الثقافة المصرية.
رحم الله فنان مصر الكوميدي ... علي الكسار .
والله ولي التوفيق.
د . سيد علي إسماعيل
تمهيد
ناپیژندل شوی مخ
استخلصنا من دراستنا في الجزء الأول عدة نتائج خاصة بعلي الكسار، كان من أهمها: أن اسم علي الكسار بدأ يتردد في الصحف المصرية عام 1914، عندما كان يعرض الفصول المضحكة في ختام عروض الأشرطة السينمائية بتياترو فيوليت وسينما إيديال بعماد الدين. وأن أول مسرحية - تبعا لما بين أيدينا من وثائق وأخبار - مثلها علي الكسار وقام فيها بدور البربري، كانت مسرحية «زقزوق وظريفة» عام 1916، عندما كان ممثلا بجوق الأوبريت الشرقي بكازينو دي باري. وأن أول مسرحية كوميدية كتبها علي الكسار - رغم أميته - مسرحية «اللي في الدست تطوله المغرفة»، في فبراير 1917.
وبسبب نجاح الكسار في تمثيل شخصية البربري، أصبح شريكا لمصطفى أمين في إدارة الجوق الشرقي بكازينو دي باري في أواخر عام 1917. كما اشترك الكسار مع أمين صدقي في تكوين فرقة مسرحية كوميدية، اتخذت مسرح الماجستيك مسرحا جديدا لها، وافتتحته بمسرحية «القضية رقم 14» عام 1919. وفي أغسطس 1919 بالإسكندرية، حدثت أول مواجهة فنية بين الريحاني والكسار، حيث هرعت الجماهير لمشاهدة الكسار، الذي ربح كثيرا، بعكس الكساد المادي الذي لحق بالريحاني، لعدم الإقبال الجماهيري لمشاهدة عروضه، فتوقفت فرقة الريحاني عن العمل فترة طويلة.
وكان غياب الريحاني سببا مباشرا في تألق جوق صدقي والكسار، وأيضا في انتعاش بعض الفرق الكوميدية الأخرى، مثل: فرقة عزيز عيد، وفرقة فوزي الجزايرلي، وفرقة شرفنطح، وفرقة أمين عطا الله وكاميل شامبير، وفرقة حسن فايق، وفرقة محمد ناجي، وفرقة جلبي فودة. وعروض هذه الفرق أفرزت هجمة صحافية ضدها، ووصفت أعمالها بالتمثيل الهزلي الشائن، مقابل وصف أعمال جوق صدقي والكسار بالتمثيل الهزلي الراقي؛ لأنه تمثيل هزلي في شكله، جدي في مضمونه، سامي المعاني في مقصده. وبذلك تربع جوق صدقي والكسار على عرش الكوميديا في هذه الفترة بلا منافس.
وفي أواخر عام 1919 عاد الريحاني بفرقته من جديد، فواجهت عروضه حملة صحافية تنوعت مقالاتها بين بين الرفض والقبول، ومن ثم بدأ التراشق بعناوين المسرحيات بين فرقة الريحاني وجوق صدقي والكسار. وفي أواخر عام 1920، أصبحت أعمال جوق صدقي والكسار مثالا يحتذى عند الفرق الأخرى. وبدأت أصداء نجاح الجوق تصل إلى أسماع كبار الشخصيات، فحضر بعض عروضها أمير الشعراء أحمد شوقي وجعفر باشا والي.
بعد ذلك، اهتزت مكانة الريحاني بعض الشيء مقابل تألق الكسار، ولكن هذا الاهتزاز لم يفقد الريحاني بريقه، حيث ظلت شخصيته الفنية كشكش بك مثالا للتقليد الكوميدي من قبل بعض الفرق الأخرى، بجانب شخصية البربري عثمان. وخير مثال على ذلك أن فوزي منيب عندما سافر إلى سورية أواخر 1920، أطلق على فرقته اسم جوق كشكش البربري، ومثل مسرحية «اسم الله عليه» لأمين صدقي، وأطلق على نفسه لقب بربري مصر الوحيد، وهو لقب علي الكسار.
وفي مايو 1921 - ولمدة أربعة أشهر - قامت جريدة البشير بأكبر هجوم صحافي على الفرق الكوميدية، خصوصا فرقة الريحاني، وفرقة محمد بهجت، وجوق صدقي والكسار. فهاجمت فرقة الريحاني هجوما شرسا، خففت من وطأته في هجومها على فرقة محمد بهجت، وكاد هجومها يتلاشى عندما مست الكسار مسا خفيفا. وكان من نتيجة هذا الهجوم، ابتعاد الريحاني بعروضه في الأقاليم ثم السفر إلى سورية، وقيام محمد بهجت بحل فرقته والانضمام إلى جوق صدقي والكسار، ذلك الجوق الذي لم ينجح الهجوم في عرقلته.
وفي مارس 1923 ظهرت فرقة رمسيس ليوسف وهبي، فكانت بمثابة طوفان أطاح بأغلب الفرق المسرحية في مصر؛ حيث جذبت مسرحياتها أغلب الجمهور المصري، الذي كان متشوقا لرؤية العروض المتكاملة. ولم يبق من الفرق الكوميدية العاملة غير خمس فرق؛ ثلاث منها كانت تقوم بتقليد شخصيتي البربري عثمان وكشكش بك، وهي فرق: فوزي الجزايرلي، وفوزي منيب، ويوسف عز الدين. والفرقة الرابعة كانت فرقة الريحاني التي لم تصمد طويلا أمام طوفان يوسف وهبي، فحل الريحاني فرقته وسافر إلى أميركا الجنوبية. ولم يبق في هذا الوقت غير جوق صدقي والكسار، الذي نجح في إثبات وجوده باعتباره أقوى وأنجح الفرق الكوميدية، التي استطاعت أن تصمد حتى النهاية.
هذه هي أهم النتائج التي توصلنا إليها في الجزء الأول. أما دراستنا في الجزء الثاني - الذي بين أيدينا الآن - فسنتحدث فيها عن مسيرة علي الكسار الفنية في مرحلة تألقه الفني ، عندما كون فرقته الخاصة عام 1925، والتي حملت اسمه عدة عقود معتمدين على ثلاثة معايير في تحليل النشاط المسرحي للكسار، ولمنافسه الريحاني، بالإضافة إلى نشاط الفرق الكوميدية الأخرى، التي كانت تظهر وتختفي تبعا لظروف كل فرقة. وذلك على النحو التالي: (1)
النشاط الفني للموسم المسرحي. (2)
نشاط الكسار الفني بين منافسيه. (3)
ناپیژندل شوی مخ
الفرق المسرحية الكوميدية التي كانت تظهر وتختفي، وأثرها في مسيرة الكسار الفنية.
د. سيد علي إسماعيل
علي الكسار ... ومرحلة التألق الفني
موسم 1925-1926
بعد انفصال علي الكسار عن أمين صدقي - كما مر بنا في الجزء الأول - كون الكسار أول فرقة مسرحية كوميدية خاصة به، حملت اسم فرقة علي الكسار. وكان مدير إدارتها الخواجة كوستى حاجياناكس، ووكيل إدارتها حامد مرسي. وكانت هذه الفرقة أول فرقة مسرحية كوميدية مصرية تبدأ الموسم التمثيلي 1925-1926. وقد افتتحت عملها بمسرحية «الطمبورة» يوم 8 / 10 / 1925 على مسرح الماجستيك. والمسرحية عربها عن الإيطالية حامد السيد، وكتب أزجالها بديع خيري، ولحنها زكريا أحمد، وقام بتمثيلها علي الكسار، وحامد مرسي، ورتيبة رشدي، وزكي إبراهيم، ومحمد سعيد، والشيخ محمد العراقي، وبباوي فرج، وفكتوريا كوهين، وأحمد حافظ، وعفيفة أمين، ونينا ودوللي أنطوان الفرنسية.
وكانت هذه المسرحية امتحانا صعبا للكسار، فقد أشيع أن الكسار سيفشل فنيا بعد أن انفصل عن أمين صدقي، ولكن الكسار نجح نجاحا كبيرا في هذا الامتحان، الذي استعد له الاستعداد الكبير، حيث أنفق على المسرحية من ماله الخاص، فجاء بمناظرها من محلات دانجليس بالإسكندرية، وجاء بملابسها من محلات تريولو الشهيرة، واستعان بأخصائي للمكياج لأول مرة، وهو جبران نعوم.
1
ومسرحية الطمبورة لم يقصد الكسار من ورائها إضحاك جمهوره وتسليته فقط، بل أراد أن يلقي عليه درسا اجتماعيا بين فيه مضار إرسال الآباء لأبنائهم إلى البلاد الغربية بقصد التعلم دون رقابة واهتمام، فينحرف الابن ويهجر رسالته في تلقي العلم، ويجري وراء ملذاته ولهوه. وبجانب هذا الدرس التعليمي، نجد دروسا أخرى - في المسرحية - منها الوفاء والإخلاص في الحب والصداقة. كل هذا قدمه الكسار في ثوب كوميدي مطرب؛ مما جعل الجمهور يتقبل نصائحه بسرور وابتهاج.
2
ومن الإشاعات المغرضة التي تعرض لها الكسار في هذا الوقت، أنه لا يستطيع الفكاك من أسر شخصية البربري. ودافع جمال الدين حافظ عوض عن هذا الأمر بقوله: «سبع سنين طويلة - وعلي الكسار يقوم فيها بشخصية البربري - فما فشل يوما ولا مل منه الجمهور لحظة. هو روح خفيفة إذا ظهرت على المسرح تبعتها أنظار المتفرجين بلهفة، ينتظرون منه النكتة الطريفة والحركة الخفيفة. وهو يفهم تماما جمهور النظارة، لا يأتي بحركة إلا ويعلم تأثيرها، ولا يقول كلمة إلا وهو يكيفها كما يجب أن تكون حتى تؤدي المعنى المراد بها. وهو لا يحسن تمثيل دور البربري فحسب، بل جميع الأدوار الكوميدية الأخرى، ولكنه تفوق في الأولى وأصبح له في هذه الشخصية من الجمهور عشاق؛ ولذا فهو لا يغيرها أبدا ولكن ليس عن ضعف وعدم مقدرة. وربما رأى منه الجمهور شخصية أخرى في رواية آتية فيقطع بذلك ألسنة المتخرصين.»
ناپیژندل شوی مخ
3
وفي مقابل نجاح الكسار بعرضه لمسرحيته الأولى، نجد الإشاعات تطارد شريكه السابق أمين صدقي. فقد قيل إنه سيؤلف فرقة مسرحية يطوف بها البلاد والأقاليم، وقيل إنه يستعد لاختراع مسرح لم يسبق له مثيل، وقيل إنه سافر إلى أوروبا ليتفقد مسارحها.
4
وكما نالت الأقاويل من شريك الكسار السابق، نالت الأقاويل أيضا من منافسه الكبير نجيب الريحاني، حيث عاد الأخير في هذه الفترة من أمريكا بصحبة زوجته بديعة مصابني. وقد قيل إن الريحاني ينوي اعتزال المسرح، وقيل أيضا إن أمين صدقي اتفق معه على شراكة فنية مسرحية مستغلين غياب منيرة المهدية، من أجل التمثيل على مسرحها برنتانيا، وقيل كذلك إن الريحاني رفض هذه الشراكة، وينوي العودة إلى المسرح بدافع من زوجته.
5
وأثناء انتشار هذه الأقاويل، كانت فرقة الكسار تسير بخطى ثابتة نحو هدفها المنشود. فبعد شهر تقريبا، من تقديمها لمسرحيتها الأولى، قدمت الفرقة مسرحيتها الجديدة الثانية «الخالة الأمريكانية» يوم 12 / 11 / 1925 على مسرح الماجستيك. وقد عربها عن الإيطالية حامد السيد، ولحنها زكريا أحمد، ومثلها: علي الكسار وحامد مرسي ورتيبة رشدي وزكي إبراهيم ومحمد سعيد وشفيق ودوللي أنطوان وفكتوريا كوهين وجانيت حبيب.
6
وهذه المسرحية نجحت أيضا جماهيريا، وخيبت آمال من وقفوا ضد الكسار، ووصموا مسرحه بالمسرح الشعبي الذي يجب أن يتجنبه الجمهور، دون أن يفسروا معناه. فقام الناقد المسرحي محمد عبد المجيد حلمي، بإيضاح المعنى الذي أضاف مجدا جديدا للكسار، حيث أبان أن احتقار المسرح الشعبي يعني احتقار الشعب الذي ينتمي إليه المسرح، ذلك المسرح الذي يتمشى مع عقلية الشعب ويقدم له ما يستسيغه ويتقبله، ولا يقدم له تدليسا أو تهريجا مثلما تفعل المسارح الأخرى في ذلك الوقت. ويختتم الناقد رأيه هذا بقوله: «لي نظرة خاصة في مسرح الماجستيك، فهو في اعتقادي المسرح «الإعدادي» الوحيد في البلد الذي يعد الشعب لما يسمونه المسرح الراقي! وهو المسرح الذي يهذب عقلية الشعب، ويتمشى معه حتى يرتفع به إلى المستوى الفني الذي نتطلبه وبعد ذلك تتسلمه المسارح الأخرى مكتمل العقلية المسرحية مستعدا لفهم ما يلقى عليه، واستقباله أحسن استقبال.»
7
أما المسرحية الجديدة الثالثة التي قدمتها الفرقة، فكانت «ابن الراجا». وعرضت على مسرح الماجستيك يوم 10 / 12 / 1925. وهي من تأليف بديع خيري وتلحين زكريا أحمد، وتمثيل: علي الكسار وحامد مرسي ورتيبة رشدي وفكتوريا كوهين وزكي إبراهيم ومحمد سعيد ومحمد العراقي وجبران نعوم وسيد مصطفي وعبد القادر قدري. وكانت هذه المسرحية نقلة جديدة في مشوار فرقة الكسار، حيث تميزت بالفخامة والإبهار، فقد أنفق الكسار على الديكور والملابس 600 جنيها مصريا - في ذلك الوقت - مما كان له أكبر الأثر في نجاح المسرحية فنيا وجماهيريا.
ناپیژندل شوی مخ
8
إعلان رواية «ابن الرجا» من جريدة كوكب الشرق.
هذا النجاح الكبير للكسار، جعل منافسه الريحاني يستعد لخوض معركة فنية يستعيد فيها مجده السابق، فحقق أمنية أمين صدقي، وأعاد التاريخ للوراء مرة أخرى، حيث اتحد الريحاني مع صدقي وكونا فرقة مسرحية كوميدية عمادها بديعة مصابني البارعة في تمثيل الدلال، وفتحية أحمد البارعة في الغناء. وربما ظنت مجلة روز اليوسف أن الجمهور نسي الريحاني ونسي شخصيته كشكش بك، بسبب غيابه الطويل في أمريكا. وربما أرادت أن تعلن عن عودته المسرحية، فكتبت مقالة كبيرة سردت فيها تاريخ الريحاني وزوجته منذ اشتغالهما بالمسرح حتى ظهورهما مرة أخرى في هذه الفترة.
9
كذلك قامت الصحف بالإعلان عن عودة الريحاني وأمين صدقي، وأشارت إلى مسرحية الافتتاح «قنصل الوز». التي عرضت على مسرح دار التمثيل العربي يوم 17 / 12 / 1925، وهي من تأليف أمين صدقي.
10
ومسرحية «قنصل الوز» نجحت نجاحا كبيرا، حيث امتدحها معظم النقاد المسرحيين في هذا الوقت، ووضعوا أيديهم على أسباب هذا النجاح، الذي تمثل في اجتماع كوكبة من رموز الكوميديا أمثال محمد كمال المصري «شرفنطح» وعبد اللطيف جمجوم وعلى رأسهما كشكش بك. كذلك تمثيل بديعة مصابني، وغناء فتحية أحمد، وتلحين الموسيقار الشاب محمد عبد الوهاب.
11
هذا النجاح للريحاني وأمين صدقي أغراهما على إخراج عمل جديد آخر، فوقع اختيارهما على نص مسرحي فرنسي لتعريبه، كانت منيرة المهدية تستعد لإخراجه بواسطة فرقتها. وعلم الكسار بهذا وحذر منيرة من إخراج هذه المسرحية؛ لأن فرقة أخرى تعمل على إخراجه، فوافقته منيرة الرأي، فطلب منها السماح له بإخراج هذه المسرحية إذا سنحت له الظروف فوافقت على ذلك. هنا عزم الكسار على وضع النقاط فوق الحروف، والدخول في منافسة فنية مباشرة بين شخصية البربري عثمان وشخصية كشكش بك.
12
ناپیژندل شوی مخ
فقد عزم الكسار على إخراج هذه المسرحية الفرنسية باسم «28 يوم»، وهي المسرحية نفسها التي سيخرجها الريحاني باسم «مراتي في الجهادية». ومزيدا في التحدي قرر الكسار افتتاح مسرحيته في يوم افتتاح الريحاني لمسرحيته أيضا.
وكما يقال: يوم الامتحان يكرم المرء أو يهان! ففي يوم 7 / 1 / 1926 افتتح الكسار مسرحيته الجديدة الرابعة «28 يوم»، التي عربها عن الفرنسية أحمد البابلي وحامد السيد، ووضع أزجالها بديع خيري، ولحنها زكريا أحمد، ومثلها: علي الكسار، وحامد مرسي، ورتيبة رشدي، وزكي إبراهيم، ودوللي أنطوان، وفكتوريا كوهين، وجبران نعوم، ومحمد سعيد.
13
وفي اليوم نفسه قدم الريحاني مسرحيته الجديدة «مراتي في الجهادية» على مسرح دار التمثيل العربي.
14
وكما ذكرنا أن المسرحيتين معربتان عن أصل واحد، وشخصياتهما واحدة وموضوعهما واحد. وهنا كان الامتحان الصعب للكسار والريحاني - أكبر رمزين للكوميديا المسرحية في ذلك الوقت - خصوصا وأن الامتحان كان بين شخصيتيهما الفنيتين؛ أي بين البربري عثمان وكشكش بك . وعلى الرغم من أن نص الكسار بين أيدينا، إلا أن نص الريحاني لا نملكه. وهنا يصعب علينا المقارنة، خصوصا أن النص شيء والعرض شيء آخر.
الصفحة الأخيرة من مخطوطة مسرحية «28 يوم».
ولكن لحسن الحظ أن قام بهذه المقارنة - في ذلك الوقت - الناقد محمد عبد المجيد حلمي، الذي شاهد العرضين فكتب بحثا نقديا مهما، شغل صفحات عديدة من جريدة كوكب الشرق، ونشر على مدار أربعة أيام، قارن فيه بين العرضين من حيث التعريب والديكور والموسيقى والإضاءة والتمثيل والتلحين والملابس والغناء وشخصيتي البربري وكشكش بك، وكانت المقارنة في صالح الكسار وضد الريحاني.
15
وقد اختتم الناقد بحثه هذا بقوله: «بذلت مجهودا كبيرا في أن أكون عادلا، وأظنني أرضيت ضميري الآن. سيغضب قوم ولكنني أزدري الغضب، وخير لهم أن يكونوا هادئين سواء في الماجستيك أو في دار التمثيل العربي. لقد حكمت على الروايتين إجمالا، والآن أريد أن أفصل باختصار. رأيي أن رواية «28 يوم» نالت نجاحا أكبر من رواية «مراتي في الجهادية». المناظر والملابس عند الماجستيك أكثر إتقانا من دار التمثيل العربي. الألحان في دار التمثيل العربي أقل روعة وتأثيرا وتمشيا مع الرواية، بعكس الماجستيك فقد كانت الألحان أقوى وأوفق. كانت هناك منافسة بين أمين صدقي وعلي الكسار، فانتصر علي الكسار انتصارا مزدوجا على منافسه.»
ناپیژندل شوی مخ
16
وهكذا سقطت مسرحية «مراتي في الجهادية»، وهذا السقوط أسفر عن انفصال الريحاني وزوجته عن فرقة أمين صدقي.
17
وفي المقابل سار الكسار في نجاحه المتواصل، فعرض يوم 4 / 2 / 1926 مسرحيته الجديدة الخامسة «أنوار»، من تأليف أحمد توفيق وأزجال بديع خيري وألحان زكريا أحمد وتمثيل: علي الكسار وحامد مرسي ورتيبة رشدي وزكي إبراهيم ومحمد سعيد وجبران نعوم وفكتوريا كوهين. ونجحت هذه المسرحية بشكل ملحوظ، فأشارت إلى ذلك جريدة مصر، وأبانت أن الكسار يسير بخطوات متقدمة نحو خطته في التطوير الأخلاقي للكوميديا، باختياره الموضوعات ذات الدروس المفيدة أخلاقيا، وتقديمها في ثوب كوميدي وبشكل جذاب. ومسرحية أنوار من هذا النوع؛ لأنها تحث الجمهور على الجد والسعي في تنمية حياته الاجتماعية، وتحذر من أعمال الدجل والشعوذة، وتبين عن قيمة الحب النقي الذي يعتبر أساسا متينا للحياة الزوجية.
18
أما أمين صدقي فقد صمد بعض الشيء، بعد انفصال الريحاني عنه، فمثل بفرقته عروضا مسرحية على دار التمثيل العربي منها «بنت الشبندر» و«ناظر المحطة»، بطولة: محمد بهجت وفوزي منيب وعبد اللطيف جمجوم وفتحية أحمد وشرفنطح، ورتيبة أحمد ودوللي أنطوان وعبد الحميد زكي وحسن كامل.
19
ومسرحية «ناظر المحطة» من تأليف أحمد كامل المحامي، وقد استعان فيها أمين صدقي بفوزي منيب ليمثل دور البربري، في محاولة منه لينافس الكسار في شخصيته الفنية. فكتب الناقد جمال الدين حافظ عوض كلمة في هذا الشأن، قال فيها: ... وقام فوزي منيب بدور البربري عثمان. وهنا أرى أنه لا بد من كلمة بسيطة في هذا الموضوع. شخصية البربري هذه ابتكرها علي أفندي الكسار وأخرجها بنجاح كبير، وهو لا يزال يخرجها إلى اليوم بنجاح مستمر. ومن العدل أن نقول إن ليس في البلد من يستطيع إتقان هذا الدور مثله حتى لتظنه بربريا بالفطرة خفيف الروح سريع الحركة يدرس كل حركة من حركاته. أما صديقنا منيب أفندي «البربري النونو»، فهو شاب حديث العهد بالمسرح، أغرم بهذا الدور وعمل على إخراجه من مدة. هو في الواقع صورة صغيرة لعلي أفندي الكسار، لايزال ينقصه الشيء الكثير لإتقان هذه الشخصية، وإخراجها كما يخرجها علي الكسار.
20
وفي مقابل ذلك النشاط لأمين صدقي، واصلت فرقة الكسار نجاحها، فعرضت مسرحيتها الجديدة السادسة «آخر مودة»، يوم 4 / 3 / 1926، تعريب أحمد البابلي وأزجال بديع خيري وتلحين زكريا أحمد وتمثيل: علي الكسار وحامد مرسي ورتيبة رشدي وفكتوريا كوهين ومحمد سعيد ومحمد العراقي وبباوي فرج الله وليلى وزكية إبراهيم.
ناپیژندل شوی مخ
21
والمسرحية تعالج مضار ظاهرة اجتماعية جديدة ظهرت في هذا الوقت، وهي انتشار إعلانات وطلبات الزواج بين الجنسين في الصحف المصرية. وقد نجح الكسار في تمثيل دور البربري في هذه المسرحية، ذلك الدور الذي قال عنه الناقد محمد عبد المجيد حلمي:
مثل علي أفندي الكسار دور عثمان كما هي العادة، وعثمان هذا شخصية أزلية ضمن الله لها الخلود بفضل علي أفندي الكسار . فقد اجتازت عصور التاريخ، وبنت الهرم الأكبر من خوفو، ووقفت إلى جانب رمسيس في فتوحاته، وانحدرت مع الإسكندر الأكبر إلى قوم يأجوج ومأجوج، وعبرت البحر مع سيدنا موسى يوم شقه بعصاه، واحتملتها فلك سيدنا نوح فوق أمواج الطوفان، ومثلت مع شكسبير، ثم عادت فتسلقت جبال الألب مع نابليون، بعد أن فرغت من مصاحبة السلطان محمد الفاتح يوم سير السفن على ظهر الأرض ففتح القسطنطينية، واكتشفت أمريكا مع كريستوف كولمبس، وأقامت أسس الولايات المتحدة مع واشنجتون، وفتحت السودان مع كتشنر، وأعلنت الحرب الأوروبية مع غليوم الثاني، ودعت إلى السلام مع ولسن، ودحرت اليونان مع مصطفى كامل، وقاومت الإسبان والفرنسيس مع عبد الكريم، وثارت في الجبل مع الدروز، وحضرت اجتماع المؤتمر الوطني مع سعد. هذه شخصية أزلية خالدة.
22
بعد ذلك أخذت الفرقة راحة يسيرة، تستعد فيها لتقديم مسرحيتها الجديدة التالية، فقدمت طوال شهرين مجموعة كبيرة من مسرحياتها السابقة - التي عرضت أيام جوق صدقي والكسار - مثل: «ناظر الزراعة»، «عثمان حيخش دنيا»، «دولة الحظ»، «إيدك على جيبك»، «إمبراطور زفتى».
23
وفي يوم 29 / 4 / 1926 عرضت الفرقة مسرحيتها الجديدة السابعة «نادي السمر»، اقتبسها من الفرنسية حامد السيد وكتب أزجالها بديع خيري ولحنها زكريا أحمد، ومثلها: علي الكسار وحامد مرسي ورتيبة رشدي وفكتوريا كوهين وعبد الحميد زكي وعبد العزيز أحمد ومحمد العراقي وسميرة محمد وجانيت حبيب. والمسرحية تعالج مشكلة الخيانة الزوجية، وتبين أن من يعبث بشرف الآخرين، لا بد أن يتجرع من الكأس نفسه. وتم عرض المسرحية على مسرح الماجستيك بعد تحديثه بوضع مراوح كهربائية من أجل راحة الجمهور.
24
وقد كشف الناقد المسرحي محمود طاهر العربي جانبا مهما من شخصية الكسار الفنية، عندما كتب نقدا للمسرحية بدأه بقوله:
قبل أن أبدأ بكلمة عن هذه الرواية أذكر عبارة وعيتها عن علي أفندي الكسار عقب النهاية من مشاهدة رواية «نادي السمر» سألني رأيي، فأبديت له الاستحسان بموضوع الرواية، فقال في حدة: أنا مش عايز كده، أنا أنتظر كلمة النقد قبل الحمد والتشجيع. دلني على خطأ أو موضع ملل. أصلح لي عيبا أكن لفضلك شاكرا. ثم أشاح مشككا غير مرتاح الضمير. وكم كان لهذه العبارة أثر عميق في نفسي؛ فأكبرته من أجلها، وأدركت منها سر نجاحه المدهش وظفرة نبوغه السريع الذي لا يتسنى إلا للنذر القليل من العبقريين الذين يهبهم الله بهبات خاصة.
ناپیژندل شوی مخ
25
في هذه الفترة ظهر الريحاني ظهورا متواضعا - بعد سقوط مسرحيته «مراتي في الجهادية» - حيث قرأنا أن مصطفى حفني مدير مسرح برنتانيا فسخ العقد المبرم بينه وبين الريحاني؛ لأن الأخير لم يلتزم ببعض بنوده ومنها عدم الاستعداد بأي شيء لافتتاح التياترو، ولم يؤلف أية مسرحية جديدة، ولم ينشر في الصحف كلمة واحدة تدل على رجوعه إلى المسرح. وهكذا أصبح الريحاني وفرقته بلا مسرح! فراح يعرض بعض مسرحياته القديمة على تياترو محمد علي بالإسكندرية، ويستغل سفر أية فرقة مسرحية كي يعرض على مسرحها الثابت؛ مثل فرقة عكاشة عندما سافرت إلى الإسكندرية فعرض بعض مسرحياته القديمة على مسرح الأزبكية، كذلك عرض على مسرح دار التمثيل عندما هجره أمين صدقي، ثم نجده يعرض على صالة سينما راديوم، وعلى مسرح الكورسال. كل ذلك في غضون شهرين تقريبا. ومن المسرحيات التي عرضتها فرقة الريحاني في هذه الفترة: «البرنسيس»، «أيام العز»، «الليالي الملاح»، «الشاطر حسن». كذلك كان يمثل أمين صدقي بفرقته بعضا من مسرحياته القديمة على مسرح كازينو مونت كارلو بروض الفرج، ومنها مسرحية «اسم الله عليه»، التي عرضت يوم 26 / 4 / 1926.
26
في مقابل تشتت الريحاني وصدقي بين المسارح المختلفة، وإعادة عروضهما القديمة، قدم الكسار مسرحيته الجديدة الثامنة والأخيرة لهذا الموسم يوم 3 / 6 / 1926 بالماجستيك، وهي مسرحية «الكرنفال»، تأليف حامد السيد وتلحين زكريا أحمد، وتمثيل: علي الكسار ورتيبة رشدي وحامد مرسي وأنصاف رشدي. وكانت المطربة أم كلثوم تغني في بعض عروض هذه المسرحية.
27
طلب الحصول على تصريح الرقابة لتمثيل مسرحية الكرنفال.
الصفحة الأولى من مخطوطة مسرحية الكرنفال.
وإذا كانت مسرحية «الكرنفال» هي آخر مسرحية جديدة قدمتها فرقة علي الكسار في هذا الموسم، فإن نشاط الفرقة الفني استمر ثلاثة أشهر أخرى، فيما يعرف بالموسم الصيفي، الذي قدمت فيه الفرقة إعادة لأشهر مسرحياتها السابقة، بالإضافة إلى مسرحيات هذا الموسم، ومنها: «إمبراطور زفتى»، «ألف ليلة»، «البربري في الجيش»، «الطمبورة»، «ابن الراجا»، «أنوار». وهذه العروض قدمت على مسارح السويس وبور سعيد وميت غمر وطنطا والمنصورة والإسكندرية. بالإضافة إلى سفر الفرقة إلى سورية وفلسطين وعرض مسرحياتها هناك.
28
هذا النجاح الكبير الذي حققه الكسار، أثار غيرة منافسيه، فكتبوا خطابا موقعا بالأحرف الأولى «ز. م. أ.»، ونشروه في مجلة المسرح تحت عنوان «خطاب مفتوح إلى علي أفندي الكسار». وهذا الخطاب من ألفه إلى يائه يقطر حقدا وحسدا من منافسي الكسار؛ بسبب نجاحه الكبير بفضل شخصيته الفنية «البربري»، وقد رد على هذا الخطاب الناقد محمد عبد المجيد حلمي مفندا ما فيه من مغالطات.
ناپیژندل شوی مخ
29
وفي مقابل نجاح أول موسم مسرحي لفرقة الكسار، نجد الريحاني مشتتا حائرا، يحاول تجميع أعضاء فرقة مسرحية يعمل بها في الموسم الجديد. فنجده يعلن في الصحف عن حاجته لممثلات هاويات، ثم نجده يصرح بأنه سيتخلى عن تقديم المسرحيات الكوميدية، وسيقدم المسرحيات الجادة. ثم نجد المشاكل تدب بينه وبين زوجته بديعة مصابني، لدرجة أنه فكر في اعتناق الإسلام كي يطلقها، ثم نجده يتفق مع روز اليوسف للانضمام إلى فرقته، ونسمع أنه اتفق أيضا مع عزيزة أمير بخصوص انضمامها إلى فرقته كذلك.
30
أما أمين صدقي فكان حظه أفضل من الريحاني في اختتام هذا الموسم، حيث وجدناه مازال يعمل بمسرح المونت كارلو بروض الفرج، استعدادا لافتتاح مسرحه الجديد - تياترو سميراميس - بعماد الدين. وإن فرقته تتكون من: فوزي منيب، فؤاد شفيق، سيد فوزي، حسين المليجي، أحمد حافظ، أحمد جمال، حسن راشد، ماري منيب، أديل ليفي، ليلى خريستو، عزيزة توفيق.
31
وبطبيعة الحال لم يكن التمثيل الكوميدي قاصرا على فرق الكسار والريحاني وصدقي، بل كانت هناك فرق كوميدية أخرى تعمل في هذا الموسم. ومنها على سبيل المثال فرقة فوزي الجزايرلي التي كانت تعرض مسرحياتها بكازينو البوسفور، ومن أهمها مسرحية «كشكش في الجيش».
32
وفرقة عبد اللطيف جمجوم التي كانت تعمل على مسرح ليلاس بروض الفرج معتمدة على تمثيل عزيزة زمبلك وغناء شفيقة القبطية.
33
وفرقة حسن فايق التي كانت تعرض أعمالها الكوميدية في حديقة كازينو حمامات مصر الجديدة.
ناپیژندل شوی مخ
34
وفرقة فوزي منيب التي كانت تعرض أعمالها صيفا بكازينو البلفي بالإسكندرية وبمسارح روض الفرج.
35
وأخيرا نجد فرقة يوسف عز الدين التي كانت تعرض أعمالها بكازينو سان أستفانو بروض الفرج، معتمدة على غناء فاطمة قدري.
36
موسم 1926-1927
كانت فرقة أمين صدقي أول فرقة مسرحية كوميدية تفتتح هذا الموسم، بمسرحيتها الجديدة «ليلة في العمر»، وكانت أيضا افتتاحا لمسرحها الجديد - تياترو سميراميس - بشارع عماد الدين يوم 20 / 8 / 1926. ومثل هذه المسرحية: محمد بهجت وتوفيق المردنلي وسيد شطا ومحمد شكري وحسين المليجي وأنصاف رشدي ودينا ليسكا. وقد اختلف النقاد حول هذه المسرحية؛ فقد مدحها محمد عبد المجيد حلمي، وذمها ذما شديدا محمود طاهر العربي.
1
وقبل أن تبدأ أية فرقة كوميدية عروضها المسرحية، عرضت فرقة أمين صدقي مسرحيتها الجديدة الثانية «الكونت زقزوق» يوم 9 / 9 / 1926. واستقبل النقاد هذه المسرحية استقبالا حسنا، عكس مدى نجاحها، خصوصا محمود طاهر العربي.
2
ناپیژندل شوی مخ
وفي 30 / 9 / 1926 وعلى مسرح الماجستيك، افتتحت فرقة علي الكسار موسمها المسرحي بمسرحية «أبو زعيزع»، تأليف بديع خيري وحامد السيد، وتلحين زكريا أحمد، وتمثيل: علي الكسار ورتيبة رشدي وحامد مرسي وزكي إبراهيم وفكتوريا كوهين ودوللي أنطوان ومحمد سعيد وبباوي وعبد الحميد زكي وفرج وشفيق. وهذه المسرحية لاقت استحسانا كبيرا من قبل النقاد، رغم بعض الهنات فيها؛ لأن الكسار تخلى فيها عن دوره الكوميدي المعهود - عثمان البربري - واستبدله بدور درامي محلى بالكوميديا، ليثبت للجميع أنه يصلح للأدوار الجادة المرحة، مثلما يصلح للأدوار الكوميدية الصرفة، مقلدا في ذلك الريحاني، الذي عزم على التخلي عن شخصيته الفنية كشكش بك، فكان النجاح من نصيب الكسار.
3
واستكمل أمين صدقي نشاطه المميز في هذه الفترة بتياترو سميراميس، فأخرج مسرحية «مملكة العجائب»، التي نجحت بصورة كبيرة بفضل غناء المطربة ملك، وتقدم مستوى فوزي منيب في تمثيل شخصية البربري، لدرجة أن النقاد مدحوه واعتبروه بحق منافسا للكسار.
4
وهذا النجاح أتبعه صدقي بمسرحية أخرى هي «عصافير الجنة»، التي أضافت نجاحا جديدا لهذه الفرقة الكوميدية .
5
لم يقف الريحاني متفرجا أمام نجاح منافسيه الكسار وصدقي، فواصل استعداده لتجهيز مسرحه وافتتاحه بسرعة كبيرة، خصوصا بعد أن أنهى مشاكله العائلية وانفصل عن زوجته بديعة مصابني، التي افتتحت صالة للتمثيل والغناء بين مسرحي الكسار وأمين صدقي. وفي أول نوفمبر 1926 افتتح الريحاني موسمه بمسرحية «المتمردة» تعريب فؤاد سليم، بطولة الريحاني وروز اليوسف وفؤاد سليم وماري منصور وفؤاد شفيق. وفي هذه المسرحية تخلى الريحاني عن شخصيته الفنية كشكش بك، فكان النجاح القليل من نصيبه.
6
وفي يوم 4 / 11 / 1926 مثلت فرقة الكسار مسرحية «الأستاذ»، تعريب جبريل أسود وأحمد زكي، وأزجال بديع خيري وتلحين زكريا أحمد، وتمثيل: الكسار ورتيبة رشدي وحامد مرسي ومحمد سعيد وحسين حسن وسيد مصطفى وفكتوريا كوهين وملكة توفيق ودلال إبراهيم. وكانت المطربة أم كلثوم تغني الطقاطيق في بعض الحفلات النهارية لهذه المسرحية، على تخت العقاد وسامي الشوا والقصبجي.
7
ناپیژندل شوی مخ
الصفحة الأولى من مخطوطة مسرحية «الأستاذ».
أما الريحاني فقد استطاع بعد أسبوع واحد من نجاح مسرحية الافتتاح، أن يعرض مسرحيته الثانية «مونا فانا»، اقتباس إبراهيم المصري، فجاءت ضعيفة المستوى بسبب سرعة إخراجها دون الاستعداد الجيد لها. وبعد أسبوع آخر استطاع الريحاني أن يمحو - بعض الشيء - الأثر السيئ لهذه المسرحية، بعرضه لمسرحية «الجنة»، التي جاءت أفضل من سابقتها نوعا ما، رغم أن فرقة أمين صدقي مثلتها من قبل باسم «عصافير الجنة».
8
وبعد أيام قليلة أعلن الريحاني عن مسرحية «الشرك»، ولكنه عدل عنها، فمثلت فرقته مسرحية «اللصوص» تعريب عبد الله الرياشي، فلم تلق الإقبال الجماهيري المتوقع.
9
ولم يصمد الريحاني أمام هبوط مستوى مسرحياته جماهيريا، فأغلق مسرحه وحل فرقته التي لم تستمر سوى شهر واحد. والأسباب لهذه الأزمة كثيرة؛ منها تراكم الديون المالية بسبب عدم دفع الريحاني مرتبات ممثليه، وعدم دفعه ثمن الإعلانات للمطابع والصحف. هذا بالإضافة إلى سوء الإدارة وتخبطها في العروض المتوالية دون تجهيز مسبق. يضاف إلى ذلك طبيعة الريحاني المترددة والكسولة، حيث إنه لا طاقة له على العمل الشاق، فصدمة واحدة تكفي لأن ترده عن أي طريق يعتزم السير فيه. ناهيك عن انسحاب روز اليوسف من فرقته ، وتحقيق النيابة العمومية معه بسبب عدم التزامه بحفلات قبض ثمنها دون أن يقيمها، وقيامه بضرب أحد النقاد؛ لأن الأخير ذكر رأيه بصراحة في فرقة الريحاني.
10
في مقابل هذه الأزمة كان الكسار يسير في نجاح عروضه المسرحية الجديدة، حيث عرضت فرقته مسرحية «الوارث» يوم 25 / 11 / 1926، تأليف بديع خيري وألحان زكريا أحمد وتمثيل: علي الكسار وحامد مرسى ورتيبة رشدي وفكتوريا كوهين وعبد الحميد زكي ومحمد سعيد ومحمد العراقي.
11
ومسرحية «حكيم الزمان» يوم 22 / 12 / 1926، تأليف بديع خيري وتلحين زكريا أحمد، وتمثيل: علي الكسار وحامد مرسي ورتيبة رشدي وحكمت فهمي وفكتوريا كوهين وهانم البغدادي، بالإضافة إلى غناء أم كلثوم. وقد هاجمت جريدة المطرقة المسرحية لصالح أمين صدقي،
ناپیژندل شوی مخ
12
بينما قال ناقد مجلة الفنون عن دور الكسار في هذه المسرحية:
لا شك في أن الكسار هو الذي اخترع شخصية البربري على المسرح المصري، وإخال أنه سيظل فيها الفرد العلم. فهو ممثل خفيف الظل على المسرح ومحبوب من جمهوره إلى درجة أنه إذا وقف أمام المتفرجين ضجوا له بالتصفيق والتهليل. أما إذا تكلم وضحك أو أشار أية إشارة فإنك ترى الناس وقد انطلقوا، ولا يبقون على وقارهم وأيديهم تمسح عن جفونهم دموع الضحك والسرور. وقد مثل في هذه الرواية دور حكيم الزمان، وكان هو كما يكون دائما. وحسب المنصف أن يقول في وصفه والإشادة بنبوغه في فنه، إنه هو الكسار، وأن إنسانا يمثل شخصية واحدة خمس سنوات كاملة فلا يملها الجمهور، لخليق بأن يقال عنه إنه نابغة بطبعه.
13
وتوالى نجاح فرقة الكسار فقدمت مسرحية «السفور» لحامد السيد يوم 3 / 2 / 1927، من تمثيل: علي الكسار وحامد مرسي ورتيبة رشدي وفكتوريا كوهين وعبد الحميد زكي ومحمد سعيد، بجانب غناء عبد اللطيف البنا. وهي مسرحية عالجت إحدى المشكلات الاجتماعية في ذلك الوقت، وهي مشكلة الحجاب والسفور. فأبان الكسار عن وجهة نظره في المشكلة بصورة فنية كوميدية، دلالة على أن مسرحه غير منعزل عن مشاكل عصره الاجتماعية.
14
بعد غلق مسرح الريحاني، لم يبق منافس أمام الكسار سوى أمين صدقي، الذي عرضت فرقته مسرحية «خالتي عندكم » في ديسمبر 1926. وهذه المسرحية لم تكن جديدة كما تصورها البعض، بل هي نفسها مسرحية «عصافير الجنة» التي قدمتها الفرقة سابقا، واكتفت فقط بتغيير اسمها واليسير من مواقفها. وربما هذا الأمر كان بداية نهاية الفرقة في هذا الموسم، حيث انسحبت مطربة الفرقة ملك، وبدأ صدقي يتنقل بعروضه بين تياترو سميراميس وكازينو حلوان فعرض مسرحية «هوانم اليوم»، ثم عرض بعض مسرحياته السابقة في الأقاليم، وأخيرا قرر السفر إلى فلسطين في رحلة فنية.
15
وقبل أن ينفرد الكسار بساحة الكوميديا بعد سفر منافسه الوحيد أمين صدقي في ذلك الوقت، ظهر الريحاني مرة أخرى لينافس الكسار من جديد، حيث استعد الريحاني استعدادا نقلته لنا الصحف بصورة مبالغ فيها، خصوصا مساعدة مدام مارسيل له بالمال الوفير. ومهما كان من أمر هذه المبالغة، إلا أن الريحاني قدم مسرحيته الجديدة «ليلة جنان» يوم 3 / 2 / 1927، تأليف بديع خيري والريحاني، فاستحسنها بعض النقاد لما فيها من راقصات أجنبيات يخلبن العقول. وفي مارس 1927 قدمت الفرقة مسرحية «مملكة الحب» تأليف بديع والريحاني، ثم قدمت في أبريل من العام نفسه مسرحية «الحظوظ» تأليف بديع والريحاني،
16
ناپیژندل شوی مخ
وقد كتب ناقد مجلة الفنون كلمة عنها، قال فيها:
فرغ الريحاني وجوقات رقصه اللواتي جلبهن من بغايا باريس المرة مارسيل لتجربهن على حسابه، من تمثيل رواية «مملكة الحب» وما فيها من دعارة وفجور. وخرج لنا برواية الحظوظ، وهي لا تقل عن سابقتها تبذلا واستهتارا. حتى ليغلب على ظني أن هذا الماخور المسمى تياترو الريحاني، إن لم ينظر إليه البوليس بعين ساهرة لينقلبن «واسعة»
17
لكن بلا رخصة. فهل يتلافى رجال حفظ الآداب هذه الحال التي لا يحسن السكوت عليها؟ هذا ما ننتظره من همة رجال بوليسنا الأماثل.»
18
ولعل هذا الهجوم - وربما غيره - كان من أسباب توقف الريحاني بعد ذلك، حيث كانت هذه العروض آخر عروض مسرحية قدمها في هذا الموسم.
وهكذا خلت الساحة الكوميدية المسرحية أمام الكسار يصول ويجول فيها وحده، بعد سفر أمين صدقي وتوقف الريحاني. فبدأت فرقة الكسار تمطر الساحة بأعمالها المسرحية الجديدة المتوالية ، التي بدأتها بمسرحية «البرنس الصغير» في مارس 1927، تعريب حامد السيد وزكي إبراهيم وتمثيل: علي الكسار ورتيبة رشدي وحامد السيد وفكتوريا كوهين وزكي إبراهيم ومحمد البغدادي وجانيت حبيب وعبد الحميد زكي ومحمد سعيد. وفي أبريل من العام نفسه عرضت الفرقة مسرحية «أبو النوم» تعريب حامد السيد وأزجال بديع خيري وتلحين زكريا أحمد. وقام بتمثيلها أعضاء الفرقة عدا الكسار الذي أراد أن يستريح استعدادا لحفلات عيد الفطر.
19
وفي العيد قدم الكسار مجموعة ضخمة من الحفلات المسرحية، فعرض مسرحياته السابقة، ومنها: «الوارث»، «أبو زعيزع»، «البرنس الصغير»، «البربري في الجيش».
20
ناپیژندل شوی مخ