الأرض، وسقى الحب، فما يصلون إلى نتيجة ذلك المطر١ إلا عن بعد٢، فقال لهم ﴿بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ [الأحقاف: ٢٤] . فجعل الريح إشارة إلى ما فيها من الراحة، فإن بهذه الريح أراحهم من هذه الهياكل المظلمة، والمسالك الوعرة، والسدف المدلهمة، وفي هذه الريح عذاب، أي: أمر يستعذبونه٣، إذا ذاقوه، إلا أنه يوجعهم لغرقه المألوف٤". انتهى ما قاله مكذبا لصريح الذكر الحكيم في قوم قال فيهم أصدق القائلين، سبحانه وتعالى عما يقول الظالمون والجاحدون [٢٣] علوا كبيرا ﴿قَدْ وَقَعَ عَلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ رِجْسٌ وَغَضَبٌ﴾ [نوح: ٧] ﴿فَأَنْجَيْنَاهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَقَطَعْنَا دَابِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنَا وَمَا كَانُوا مُؤْمِنِينَ﴾ [الجن: ٧]، ﴿وَتِلْكَ عَادٌ جَحَدُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ وَعَصَوْا رُسُلَهُ وَاتَّبَعُوا أَمْرَ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ، وَأُتْبِعُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلا إِنَّ عَادًا كَفَرُوا رَبَّهُمْ أَلا بُعْدًا لِعَادٍ قَوْمِ هُودٍ﴾ [هود: ٥٩، ٦٠] .
ابن عربي يزعم أنه اجتمع بالأنبياء
ثم ادعى في هذا الفص أنه رأى الأنبياء ﵈ في مشهد واحد سنة ست وثمانين وخمسمائة، وأنه ما كلمه منهم إلا هود، وقال: "رأيته٥ لطيف
١ في الأصل: الظن.
٢ في الأصل: "فقد أي: بعد".
٣ فسر الريح التي أهلك الله بها عادا بالرحمة والراحة، وفسر العذاب الذي حاق بهم بأنه أمر تستعذبه النفس. فتأمل.
٤ ص١٠٩ فصوص.
٥ ذكر المؤلف قبل قول ابن عربي ملخصا، وإليك نصه: "واعلم أنه لما أطلعني الحق، وأشهدني أعيان رسله ﵈، وأنبيائه كلهم البشريين من آدم إلى محمد ﷺ أجمعين في مشهد أقمت فيه بقرطبة سنة ستة وثمانين وخمسمائة ما كلمني أحد من تلك الطائفة إلى هود ﵇، فإنه أخبرني بسبب جمعيتهم، ورأيته رجلا ضخما في الرجال حسن الصورة ... إلخ" انظر الفص الهودي من فصوص الحكم.