القسم الثالث : في كيفية استحقاقه لهذه الصفات (30) ولا بد من تقديم مقدمة يوقف منها على تحقيق ما نعنيه بالوصف له تعالى بذلك.
فنقول : الذي نختاره أن معنى كونه قادرا أن ذاته سبحانه متميزة بحقيقتها تميزا لأجله يصح أن يفعل وأن لا يفعل ، لا أن له بذلك حالا قائمة بذاته ، وكذلك في كونه عالما فإنه نعني به أن ذاته يجب لها أن تتبين الأشياء ، وكذا في كونه حيا أنه يصح أن يعلم الأشياء ويقدر عليها ، لا نعني زيادة عن ذلك.
ثم هذه الأحكام المشار إليها تجب لذاته وجوبا ذاتيا. والدليل على ذلك ، أنه لو لم تكن ذاتية لافتقر حصولها إلى مؤثر ، لكن ذلك محال ، لأنه يلزم إما التسلسل ، أو الدور ، أو اجتماع واجبي الوجود في الوجود وهو محال.
وتحقيق ذلك أن المؤثر في جعله على تلك الصفات إما أن يكون واجب الوجود أو جائز الوجود ، ويلزم من الأول اجتماع واجبي الوجود في الوجود ، وإن كان جائز الوجود ، افتقر إلى مؤثر ، ثم الكلام فيه كما في الأول ، فيلزم الدور أو التسلسل ، وكل واحد من الأقسام باطل. وإن كان المؤثر فيه ذات الله سبحانه ، لزم اتصافها بهذه الأوصاف قبل تأثيرها في ذلك المؤثر. فلو لم
مخ ۵۱