ثم زعموا أن للبارئ بكونه موجودا حالا زائدة على حقيقته المقدسة.
ونحن نمنع من ذلك كله ، ونقول : إن معنى كونه تعالى موجودا أنه حقيقة وذات في الخارج ، وكذا كل ذات نصفها بالوجود لا نعطيها زيادة على هذا المعنى.
والدليل على ذلك ، أنه لو كان الموجود زائدا على الذات لكان لا يخلو إما أن يتصف بالوجود ، فيكون للوجود وجود ، أو لا يتصف به فيكون نفس العدم ، أو يكون لا موجودا ولا معدوما فيجتمع فيه النقيضان ، والكل محال.
فإن امتنعوا من إجراء الوجود على الحال كان ذلك تعصيا غير مقبول ، لأن على تقدير كون الحقيقة ثابتة فتأثير المؤثر في جعلها حقيقة محال ، لأنه تحصيل الحاصل ، فلا بد أن يكون تأثيره في الوجود ، فإن لم يكن الوجود شيئا مفروضا استحال تأثير المؤثر فيه ، وإن كان شيئا زائدا وردت عليه الأقسام ضرورة ، فالامتناع بعد ذلك من إجراء لفظ الوجود عليه مع كونه في الحقيقة أثرا للفاعل باطل.
فإن قالوا : التأثير في جعل الذات موجودة. قلنا : فلننقل الكلام إلى ذلك الجعل ، فإن كان زائدا على الذات وهو أثر المؤثر لزمت المحذورات التي أشرنا إليها ، وإن لم يكن زائدا استحال تأثير المؤثر فيه ، فلا يكون له أثرا في جعل الحقيقة حقيقة وهو المطلوب.
ثم الدليل على أنه تعالى موصوف بذلك تأثيره في الموجودات ، والتأثير لا يحصل مع العدم. (20)
مخ ۴۶