ومما يدل على القول الثاني أن الصحف هي التي توزن هو حديث البطاقة المشهور، وهي أن صحف السيئات توضع في كفة ثم يوضع بطاقة مكتوب عليها: لا إله إلا الله محمد رسول الله، فلا يثقل شيء باسم الله (¬1).
وأما القول الثالث: فهو أن الإنسان نفسه هو الذي يوزن، ومما يدل عليه حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ثقل ساقي عبد الله بن مسعود عند الله يوم القيامة وأنهما أثقل عند الله من جبل أحد(¬2) وأما القول الرابع فهو الجمع بين الآراء فقالوا بوزن الأمور الثلاثة على قاعدة العمل بالدليل أولى من إهماله، والملاحظ في هذه أن الأحاديث المتعارضة كلها صحيحة.
أكتفي بهذا القدر من الأمثلة والتي كانت في كافة أقسام العقيدة، وبذلك يظهر بوضوح وقوع الاجتهاد والاختلاف في فروع الاعتقاد بين الصحابة والتابعين والعلماء دون أن يكفر بعضهم بعضا، وهذا تطبيق عملي في إقرار مشروعية الاجتهاد، نظرا للاختلاف في فهم النصوص أو نظرا للاختلاف في الجمع بين النصوص أو لاعتماد البعض على دليل لم يصل إلى الآخر أو نظرا لتصحيح أو تضعيف يعض الأدلة إلى غير ذلك من مبررات واقعية للاجتهاد والاختلاف، وعلينا أن نسلك مسلك من سبقنا في الإقرار بتلك الشرعية ولا ينكر بعضنا على بعض إذا خالفه الرأي.
المبحث الثالث:
أقوال العلماء في حكم المخالف في مسائل الاجتهاد في الاعتقاد.
مخ ۳۸