إذ تبين من الفقرة السابقة أن الاجتهاد في النصوص الشرعية لاستخراج الحكم هو فرض كفاية، إلا أن طبيعة النصوص مختلفة، فهناك نصوص لا يمكن الاجتهاد والاختلاف فيها، حيث أنها قطعية الثبوت قطعية الدلالة، وهي المسائل الثابتة التي لا تتغير ولا مجال فيها للتفسير أو التأويل أو المعارضة، أو المخالفة، لكون دلالتها على الأحكام قطعية، مثل المسائل العقائدية الأصلية المتعلقة بأصل الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره؛ وأن القرآن حق، ومنزل من عند الله عز وجل، وأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أرسل للناس كافة، وهي الأحكام الاعتقادية الكلية التي لم يخالف فيها أحد من المسلمين،وكذلك كل ما علم من الدين بالضرورة (¬1) وكقطعية بعث الرسل بالنسبة للأحكام العقدية، وكقطعية تحريم الأمهات في قوله تعالى: { حرمت عليكم أمهاتكم } (23: النساء) بالنسبة للأحكام العملية، ولذلك لم تكن محلا للاجتهاد، وهي محل اتفاق الأمة سابقها ولاحقها، متقدمها ومتأخرها.
مخ ۱۵