عنه كان في بعض الأيام يشرب مع جماعة من الأنصار وكان في فناء تلك الدار ناقتان لأمير المؤمنين عليه السلام فلما سكروا غنت مغنيتهم بأبيات تتضمن طلب الكباب من حمزة وهي هذه ألا يا خمر للشرف النواء وهن معقلات بالفناء ضع السكين في اللبات منها * وضرجهن حمرة بالدماء * وأطعم من شرايحها كبابا * ملوحة على وهج الصلاء * فلما سمع حمزة هذه الأبيات أخذ سيفه وأقبل على الناقتين فاقتطع سناميهما وشق خاصرتيهما وأخذ من كبديهما وصنع من ذلك كبابا فأقبل أمير المؤمنين عليه السلام فلما رأى الناقتين بذلك الحال قال من فعل هذا فقالوا فعله حمزة فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وآله وكان هذا أحد الأسباب في نزول آية تحريم الخمر درس استفيد من الآية الكريمة نجاسة الخمر فإن الرجس وإن كان هذا أحد الأسباب في نزول آية تحريم الخمر في اللغة بمعنى القذر وهو أعم من النجاسة إلا أن شيخ الطائفة طاب ثراه قال في التهذيب أن الرجس هو النجس بلا خلاف وظاهر أن مراده قدس الله روحه أنه لا خلاف بين علمائنا في أنه في الآية بمعنى النجس وإلا فمعلوم أنه في اللغة بمعنى القذر كما قلنا فقول بعض الأصحاب أن الإجماع الذي نقله في التهذيب غير معلوم مستدلا على أن الرجس مطلق القذر بقول صاحب القاموس أن الرجس بالكسر القذر ويقول الزجاج الرجس في اللغة اسم لكل ما استقذر من عمل لا يخفى ما فيه واعلم أن شيخ الطائفة والسيد المرتضى رضي الله عنهما نقل كل منهما الإجماع على نجاسة الخمر بل قال المرتضى أنه لا خلاف بين المسلمين في نجاسته إلا ما يحكى عن شذاذ لا (..) لهم هذا كلامه فإن قلت كيف حقيقة هذا الإجماع الذي ادعاه هذا الشيخان الجليلان مع أن الصدوق وابن أبي عقيل قائلان بطهارته قلت لعلهما قدس الله روحيهما إنما أراد إجماع أهل عصرهما وهذان الشيخان متقدمان على زمانهما مع أن خلاف معلوم النسب وسيما إن كان نادرا لا يقدح في تحقق الإجماع عندنا على أن الصدوق رحمه الله إنما حكم بجواز الصلاة في ثوب أصابه الخمر وهذا لا يستلزم الحكم بطهارته فلعله معفو عنه عنده ككثير من النجاسات كيف لا وحكمه بنزح جميع ماء البئر لوقوع الخبر يعطي الماء القول بنجاستها به والقول بأن حكمه بنزح الجميع ليس لنجاسة الخمر بل إنما هو لتحقيق خلو الماء الذي يشرب من ذلك البئر من الأجزاء الخمرية وإن كانت مستهلكة لا يخفى ما فيه فإنه يقتضي تجويزه الوضوء والغسل وإزالة النجاسة بذلك الماء قبل النزح وهو لا يقول به فتأمل واعلم أن شيخ الطائفة عطر الله مرقده استدل بهذه الآية على نجاسة الخمر من وجهين أولهما ما مر من الاتفاق على أن الرجس منها بمعنى النجس وثانيها قوله سبحانه " فاجتنبوه " فإن الأمر باجتنابه يقتضي وجوب التباعد عنه بجميع الأنحاء وفي عامة الأوقات والحالات إلا ما ثبت بدليل وحالة الصلاة من جملة الحالات ومعلوم أن من صلى وهو متلطخ بالخمر لا يكون مجتنبا له ومتباعدا عنه حال صلاته وهذا ظاهر ثم لا يخفى أن نقل شيخ الطائفة الإجماع على أن الرجس في الآية الكريمة بمعنى النجس يقتضي جعله في الآية الكريمة خبرا عن الخمر وحده ويكون خبر المتعاطفات الثلاثة محذوفا وجعله خبرا عن الخمر وحده وهو مختار بعض المفسرين وقد رجحه البيضاوي أيضا حيث قدمه على الوجه الآخر أعني جعله خبرا عن مضاف محذوف تقديره وإنما تعاطي الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس وقال بعضهم في وجه ترجيح جعل الرجس خبرا عن الخمر وحده أن المقصود بالذات من نزول الآية الكريمة هو حكاية الخمر وذكر المتعاطفات بعده على سبيل التبعية
مخ ۳۶۳