قد اختلف الأصحاب في أن هذا التيمم الذي للخروج هل يبيح الصلاة ونحوها أو لا فقال بعضهم بالمنع لوجوب الخروج عقيبه بغير فصل متحريا أقرب الطرق و فصل بعضهم ومنع وجوب الخروج عقيبه بغير فصل مطلقا بل بتفصيل وهو الأقرب كما يظهر في طي التفصيل وحاصله أنه إذا تيمم المجنب المذكور في المسجدين أما لعدم الماء أو مع وجوده لكن على القول بتقديمه على الغسل فلا يخلو الحال أما أن يكون الغسل بعد ذلك التيمم ممكنا في المسجد أو لا وعلى الأول لا يكون ذلك التيمم مبيحا للصلاة ونحوها وإن كان مبيحا للكون في الجملة في بعض الصور كما سيظهر لأنه حينئذ أما أن يكون الغسل خارج المسجد أيضا ممكنا أو لا وعلى التقديرين لا يتصور إباحته أما على الأول فظاهر وأما على الثاني فلان الكون للغسل أما مباح له أو لا فإن كان مباحا فقد ثبت التمكن شرعا والتمكن العقلي أيضا ثابت بالفرض فقد وجب الغسل اتفاقا فلا يكون التيمم مبيحا وإن لم يكن مباحا فلم يتمكن من الغسل شرعا حينئذ أصلا لا في خارج المسجد لعدم الماء ولا في المسجد لعدم إباحة الكون للغسل فيلزم أن يكون تيممه مبيحا للكون في المسجد مطلقا إذ مع عدم التمكن من الغسل رأسا يبيح التيمم الكون في المسجد مطلقا كما مر فيكون الكون للغسل أيضا مباحا مع فرض عدمه (هف) ولا يذهب عليك أن ما ذكرنا إنما هو بناء على القول بالتداخل في الطهارات مطلقا أما لو لم نقل به بل أما بعدمه مطلقا أو به لكن مع اشتراط نية الجمع فحينئذ نقول في الصورة الثانية ذلك التيمم لا يبيح له الكون للغسل أما مطلقا على القول بعدم التداخل مطلقا أو على تقدير أن لا ينوي الإباحة على القول باشتراط نية الجمع إذ القدر المعلوم أن ذلك التيمم للخروج في الجملة وأما أنه للإباحة مطلقا بدلا من الغسل في صورة تعذره فليس بمعلوم فلا بد حينئذ للإباحة من تيمم آخر فعلى هذا لا يخلو الحال في الصورة المفروضة أما أن يكون زمان الغسل أنقص من زمان الخروج أو مساويا أو أكثر فعلى الأول الظاهر أن يكون الغسل بعد التيمم المذكور واجبا ولا يجوز له التيمم الاخر لإباحة الكون كما ذكرنا سابقا وبينا وجهه وعلى الثاني الظاهر التخيير بين الغسل وبين الخروج وعدم جواز التيمم الاخر للإباحة لما مر أيضا ولا يتوهم أن في صورة اختيار الخروج يجب التيمم إذا كان زمانه انقص من زمان الخروج ويمكن الاتيان به خارجا لادراك القدر الزايد على زمانه متطهرا لان حال التمكن من استعمال الماء لا يجوز التيمم للإباحة و نحوها إجماعا فإن قلت التمكن من الغسل بالنسبة إلى ذلك القدر غير متحقق وهو ظاهر فينبغي أن يكون التيمم له جائزا قلت لا يكفي في جواز التيمم مع عدم إمكان الغسل بالنسبة إلى قدر من الكون إلا يرى أن الجنب إذا كان على باب المسجد وكان الماء موجودا على قدر خمسين ذراعا مثلا ولم يكن به مانع من الاستعمال لم يجز له حينئذ التيمم لإباحة الكون مع أن الكون بقدر الذهاب إلى الماء لا يمكن الغسل له بل لا بد من عدم إمكان الغسل له وللكون القريب منه بحسب ما قدر في الشرع وعلى الثالث والظاهر عدم جواز الغسل بدون التيمم للإباحة فحينئذ أما أن يمكن التيمم الاخر في المسجد أولا وعلى الثاني لا بد من الخروج ليتيمم ثم يدخل إن شاء وعلى الأول أما أن يكون زمانه أنقص من زمان الخروج أو مساويا أو أكثر وعلى الأول الظاهر وجوب التيمم لإباحة الكون ثم الغسل إنشاء أو الخروج ووجهه ظاهر مما مر ولا يخفى ورود نظير الشبهة المذكورة سابقا ها هنا أيضا وعلى الثاني التخيير بينه وبين الخروج ثم الغسل أو الخروج وورود الشبهة ها هنا أيضا مثل سابقه وعلى الثالث يجب الخروج ثم التيمم للدخول إنشاء هذا وعلى الثاني أي على تقدير أن لا يكون الغسل بعد التيمم ممكنا في المسجد فحينئذ أما أن يكون الغسل ممكنا خارج المسجد أو لا وعلى الأول لا يكون ذلك التيمم مبيحا للصلاة ونحوها بل يجب الخروج بعده إلا مع ضيق الوقت على ما بين في موضعه ولا حاجة إلى تيمم آخر لإباحة الكون وإن كان يمكن خارجا وكان زمانه انقص من زمان الخروج ولم نقل بالتداخل أيضا للاجماع وعلى الثاني ففيه التفصيل المذكور من القول بالتداخل أو عدمه وعلى الأول عدم الاحتياج إلى تيمم اخر للكون والصلاة وغيرهما وعلى الثاني ففيه جريان الاحتمالات الثلاثة وحكم كل منهما على ما بين انفا فتدبر (ويجب الخروج بأقرب الطرق للمتيمم) هذا الحكم على إطلاقه ليس بصحيح ظاهرا لعدم الظفر بدليل عليه بل فيه تفصيل قد علم في تضاعيف الباحث السابقة وكان قول الأصحاب رضوان الله عليهم أيضا بالاطلاق محمول عليه جمعا بين قولهم هذا وقولهم بإباحة التيمم لدخول المسجدين سوى ما نقل عن فخر المحققين (ره) وضابطه وجوب الخروج بعد التيمم بناء على التفصيل المذكور أن لا يكون ذلك التيمم مبيحا للكون ولا يمكن الاتيان بطهارة مبيحة بعده بقدر زمان الخروج أو أنقص منه ويجب الثلاثة أيضا بالنذر وشبهه) من العهد واليمين وعد التحمل عن الغير والاستيجار له أيضا من جملته ووجوب الطهارات في الجملة بالنذر والعهد واليمين كأنه إجماعي ويدل عليه أيضا عموم قوله تعالى في سورة المائدة يا أيها الذي آمنوا أوفوا بالعقود وعموم بعض الروايات أيضا مثل ما رواه الشيخ (ره) في التهذيب في باب النذر عن أبي بصير عن أحدهما (عليهما السلام) قال من جعل عليه عهد الله وميثاقه في أمر الله طاعة فحنث فعليه صيام شهرين متتابعين أو إطعام ستين مسكينا ويؤيد قوله (تعالى؟) أيضا في سورة الحج وليوافوا نذورهم وفي سورة الانسان يوفون بالنذر وأما وجوبها بالمتحمل عن الغير والاستيجار له فبناء على جوازهما في مثل هذه المواضع وسيجئ إنشاء الله تعالى في موضعه والمراد منهما أن يكون مثلا طهارة واجبة على أحد بنذر أو شبهة مثلا ثم مات قبل الاتيان بها فتحمل منه الولي واستؤجر له وأما وجوب الطهارة بسبب تحمل الصلاة أو نحوها من الأب أو استيجارها لميت فليس من هذا الباب بل هو داخل في الوجوب للصلاة وغيرها المتقدم ثم أن نذر الطهارة يحتمل وجهين الأول أن ينذر طبيعة الطهارة دون إفرادها وحينئذ يمتثل بالاتيان بكل ما يصدق عليه اسم الطهارة والظاهر أن لا حقيقة
مخ ۲۴