المشعر الثالث في حدوث العالم (137) العالم بجميع ما فيه حادث زماني إذ كل ما فيه مسبوق الوجود بعدم زماني بمعنى أن لا هوية من الهويات الشخصية إلا وقد سبق عدمها وجودها ووجودها عدمها سبقا زمانيا. وبالجملة لا شيء من الأجسام والجسمانيات المادية فلكيا كان أو عنصريا نفسا كان أو بدنا إلا وهو متجدد الهوية غير ثابت الوجود والشخصية مع برهان لاح لنا من عند الله لأجل التدبر في آيات الله تعالى وكتابه العزيز مثل قوله سبحانه بل هم في لبس من خلق جديد. وقوله على أن نبدل أمثالكم وننشئكم في ما لا تعلمون وقوله تعالى وترى الجبال تحسبها جامدة وهي تمر مر السحاب وقوله تعالى إن يشأ يذهبكم ويأت بخلق جديد وقوله والسماوات مطويات بيمينه وقوله تعالى إنا نحن نرث الأرض ومن عليها وإلينا يرجعون وقوله تعالى كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام وقوله تعالى إن كل من في السماوات والأرض إلا آتي الرحمن عبدا وكل أتوه فردا.
(138) ومبدأ هذا البرهان المشار إليه تارة من جهة تجدد الطبيعة وهي صورة جوهرية سارية في الجسم هي المبدأ القريب بحركته الذاتية وسكوته ومنشأ آثاره. وما من جسم إلا ويتقوم ذاته من هذا الجوهر الصوري الساري في جميع أجزائه وهو أبدا في التحول والسيلان والتجدد والانصرام والزوال والانهدام. فلا بقاء لها ولا سبب لحدوثها وتجددها لأن الذاتي غير معلل بعلة سوى علة الذات. والجاعل إذا جعلها جعل ذاتها المتجددة. وأما تجددها فليس بجعل جاعل وصنع فاعل. وبها يرتبط الحادث بالقديم لأن وجودها بعينه هذا الوجود التدريجي وبقاؤها عين حدوثها وثباتها عين
مخ ۱۲۰