الشاهد السابع (34) من الشواهد الدالة على هذا المطلب أنهم قالوا: إن وجود الأعراض في أنفسها وجوداتها لموضوعاتها أي وجود العرض بعينه حلوله في موضوعه. ولا شك أن حلول العرض في موضوعه أمر خارجي زائد على ماهيته. وكذا الموضوع غير داخل في ماهية العرض وحدها وهو داخل في وجوده الذي هو نفس عرضيته وحلوله في ذلك الموضوع.
وهذا معنى قول الحكماء في كتاب البرهان إن الموضوع مأخوذ في حدود الأعراض. وحكموا أيضا بأن هذا من جملة المواضع التي تقع للحد زيادة على المحدود كأخذ الدائرة في حد القوس وأخذ البناء في حد البناء. فقد علم أن عرضية العرض كالسواد أي وجوده زائد على ماهيته.
(35) فلو لم يكن الوجود أمرا حقيقيا بل كان أمرا انتزاعيا أعني الكون المصدري لكان وجود السواد نفس سواديته لا حلوله في الجسم. وإذا كان وجود الأعراض وهو عرضيتها وحلولها في الموضوعات أمرا زائدا على ماهياتها الكلية فكذلك حكم الجواهر. ولهذا لا قائل بالفرق.
الشاهد الثامن (36) إن ما يكشف عن وجه هذا المطلب وينور طريقه أن مراتب الشديد والضعيف في ما يقبل الأشد والأضعف أنواع متخالفة بالفصول المنطقية عندهم. ففي الاشتداد الكيفي مثلا في السواد وهو حركة كيفية يلزم عليهم لو كان الوجود اعتباريا عقليا أن يتحقق أنواع بلا نهاية محصورة بين حاصرين. وثبوت الملازمة كبطلان اللازم معلوم لمن تدبر واستبصر أن بإزاء كل حد من حدود الأشد والأضعف إذا كان ماهية نوعية كانت هناك ماهيات متباينة بحسب المعنى والحقيقة حسب انفراض الحدود الغير المتناهية. فلو كان الوجود أمرا عقليا نسبيا كان تعدده بتعدد المعاني المتمايزة المتخالفة الماهيات فيلزم ما ذكرناه.
مخ ۶۶