الشجاعة سعادة
متى يكون الجندي شجاعا؟
يكون شجاعا حين يؤمن بأنه يدافع عن شأن أو مبدأ أو شرف، وحين يحس أن كل هذه الأشياء أو واحدا منها هو أكبر قيمة من حياته، وأنه لو قتل في سبيل واحد من هذه الأشياء فإن غيره من الجنود سيثابر على الدفاع عنه، وأن النصر بذلك محقق سواء على يده أو يد غيره بشجاعته أو بشجاعة من يقاتلون بعد موته، هذا هو الجندي في الجيش.
ولكن للشجاعة ألوان أخرى؛ فإن الكاتب يكون شجاعا حين يحس أن دفاعه عن مبدأ أو مذهب لن يكون عبئا؛ إذ هو واثق بأن المستقبل كفيل بانتصار هذا المبدأ أو المذهب.
وبكلمة أخرى إن كلا من الجندي والكاتب يشجعان حين يؤمنان بالمستقبل ويثقان بالنصر، إن لم يكن بقوة كفاحهما فبقوة الكفاح الذي يكافحه من يتسلمون السيف والقلم بعدهما.
وبكلمة أخرى أيضا نقول إن الكاتب الشجاع والجندي الشجاع يتفاءلان بالمستقبل، وإن التشاؤم عندما يتسلل إلى قلبيهما يتسلل الجبن أيضا إليهما.
نحن شجعان عندما يكون ميدان تفكيرنا أو اهتمامنا في المستقبل، وعندما نؤمن به ويتحقق انتصارنا فيه.
لهذا السبب نستطيع أن نقول إن أساس الشجاعة هو إحساس السعادة، أي هو الإحساس بانتظار النصر، والتفاؤل الدائم بأن ما ندافع عنه من وطن أو مبدأ أو حق سوف يتحقق، وإذن نحن نرضى بأن نفقد حياتنا كي تحيي ما هو أكبر منها، أو تحيي الوطن أو المبدأ أو الحق.
وكما أن إحساس السعادة والفرح يرافق الشجاعة كذلك إحساس التعاسة والحزن يرافق الجبن؛ ذلك لأننا نجبن حين نتشاءم، أي حين نحس أن المستقبل ليس لنا وأن من العبث أن نستشهد في سبيل مبدأ أو وطن أو حتى لأننا غير واثقين بالنصر النهائي.
وإذن نستطيع أن نقول إن الشجاعة هي أعظم الفضائل الاجتماعية، وإن المجتمع الحسن، بما يبعث في أفراد عائلته من الأمل، يملأ قلوبهم شجاعة وسعادة ويحملهم على الإنجاز والخدمة والتضحية.
ناپیژندل شوی مخ