فتعاهدوا وتواثقوا بالله لا ينكص رجل منا عن صاحبه الذي توجه إليه حتى يقتله أو يموت دونه؛ فأخذوا أسيافهم فسموها، واتحدوا لسبع عشرة تخلو من رمضان أن يثب كل واحد منهم على صاحبه الذي توجه عليه، وأقبل كل رجل منهم إلى المصر الذي فيه صاحبه الذي يطلب.
فأنت ترى أن قتل هؤلاء الزعماء الثلاثة «علي ومعاوية وابن العاص» كان أمرا مقررا محتوما. وأن القدر وحده هو الذي حال دون هذه الخاتمة، وأنقذت تصاريفه العجيبة «معاوية وابن العاص» ولم يمت من بين هؤلاء إلا «ابن أبي طالب» رضي الله عنه.
7
فقد رووا أن «البرك بن عبد الله» قعد لمعاوية في الليلة التي ضرب فيها علي، فلما خرج معاوية ليصلي (الغداة) شد عليه بسيفه فوقع في إليته، فأخذ، فقال: «إن عندي خبرا أسرك به، فإن أخبرتك فنافعي ذلك عندك؟» قال: «نعم» قال «إن أخا لي قتل عليا في مثل هذه الليلة.» قال: «فلعله لم يقدر على ذلك؟» قال: «بلى، إن عليا يخرج ليس معه من يحرسه.» فأمر به معاوية فقتل. وبعث معاوية إلى طبيبه؛ فلما نظر إليه قال: «اختر إحدى خصلتين: إما أن أحمي حديدة فأضعها موضع السيف، وإما أن أسقيك شربة تقطع منك الولد وتبرأ منها؛ فإن ضربتك مسمومة.» فقال معاوية: «أما النار فلا صبر لي عليها، وأما انقطاع الولد فإن في «يزيد وعبد الله» ما تقر به عيني.» فسقاه تلك الشربة فبرأ ولم يولد له بعدها.
8
وكان ذلك كل ما لقيه معاوية من الجزاء على هذه الفتنة التي سعر نارها وأذكى أوارها.
أما «عمرو بن العاص» فقد جلس له «عمرو بن بكر» تلك الليلة، ولكن «ابن العاص» لم يخرج تلك الليلة، وكان اشتكى بطنه، فأمر «خارجة بن حذافة» - وكان صاحب شرطته - فخرج ليصلي فقتله «عمرو بن بكر» فأخذه الناس فانطلقوا به إلى عمرو يسلمون عليه بالإمرة، فقال: «من هذا؟» قالوا: «عمرو» قال: «فمن قتلت!» قالوا: «خارجة بن حذافة» قال: «أما والله يا فاسق ما ظننته غيرك!»
فقال عمرو: «أردتني وأراد الله خارجة.» فقدمه عمرو فقتله؟
فليتها إذ فدت عمرا بخارجة
فدت عليا بما شاءت من البشر
ناپیژندل شوی مخ