وقد نظر المؤتمر بعدما تقدم في مسألة الملاحة في نهر الطونة، فقرر بقاءها على ما كانت عليه قبل الحرب ومنح النمسا بعض امتيازات، وقرر المؤتمر في مسألة الغرامة الحربية عدم جواز استبدالها بأراض أو ببلاد عثمانية، واعتبار الروسيا آخر دائن لتركيا؛ أي إنه لا يجوز لها أن تتقدم في المطالبة بالغرامة الحربية قبل الدائنين السابقين لتركيا.
أما ما يتعلق بالمسيحيين في الدولة العلية، فقد صرح مندوبو تركيا بأن دولتهم تحترم كل الديانات في بلادها، وتعامل رعاياها على السواء، فقرر المؤتمر جعل المساواة في الحقوق بين المسلمين والمسيحيين تامة، وجعل المسيحيين في بلاد الدولة العلية تحت حماية أوروبا المعنوية.
ولم يبق أمام المؤتمر بعد المسائل السالفة الذكر إلا مسألة استيلاء الروسيا على بعض بلاد ومواقع في آسيا، فتعهدت الروسيا بالتنازل عن مدينة «بايزيد» للدولة العلية مقابل تنازل الدولة عن مدينة «خوتور» للعجم، وتعهدت كذلك بعدم تحصين ثغر «باطوم» وجعله ثغرا حرا للتجارة، وقد قرر المؤتمر أيضا أن الإصلاحات المزمع إجراؤها في أرمينيا تعرض على الدول الأوروبية كافة، وأن حرية بوغازي البسفور والدردانيل تبقى كما قررته معاهدة باريس عام 1856 ومعاهدة لوندرة عام 1871.
ولما رأى مندوبو إنكلترا أن أعمال المؤتمر قد انتهت، وأن الساعة آذنت بإعلان استيلاء دولتهم على جزيرة «قبرص» أعلن الكونت «دي بيكونسفيلد» ذلك في 8 يوليو عام 1878 لأعضاء المؤتمر، فاندهش مندوبو الروسيا غاية الاندهاش، وتحقق العالم كله أن إنكلترا قد خدعت الدولة العلية أكبر خدعة، وأنه خير لها أن تعتمد على ألد أعدائها من أن تعتمد على دولة الإنكليز، ولم يندهش البرنس «بسمارك» ولا الكونت «أندارشي» من إعلان الكونت «دي بيكونسفيلد» استيلاء إنكلترا على قبرص؛ لأنهما كانا عالمين بالأمر، ولم يعارضا فيه؛ لتعهد «بيكونسفيلد» بمساعدتهما في تقرير استيلاء النمسا على «البوسنة» و«الهرسك».
وقد طلب البرنس «غورتشاكوف» مندوب الروسيا قبل انفضاض المؤتمر تقرير الوسائل الفعالة التي تستطيع بها دول أوروبا إجبار تركيا على تنفيذ قرارات مؤتمر برلين، واستمرت المناقشة في هذا الطلب ثلاثة أيام، ولكنها انتهت برفضه، وخرج البرنس «غورتشاكوف» من مؤتمر برلين منهزما شر هزيمة سياسية.
وفي 13 يوليو عام 1878 أمضى مندوبو المؤتمر على معاهدة برلين، وانتهت بذلك جلسات المؤتمر.
ناپیژندل شوی مخ