وفي 1572 أخضع أكبر الجوجيرات في أحمد اباد التي كان يحكمها يومئذ مظفر شاه ثم هزم أكبر ابن عمه إبراهيم حسين ميرزا في سارنال في ديسمبر 1572. وفي فبراير 1573 سلمت سورات التي قاتل فيها أكبر للمرة الأولى أناسا من الأوربيين، إذ كان البرتغاليون يؤلفون هناك قوة صغيرة كانت قد جاءت لمعاونة المدافعين عن ميناء سورات، غير أنها بدلا من القتال سرعان ما عقدت مع الإمبراطور معاهدة تعهد فيها البرتغاليون أن ييسروا الحج إلى مكة. وفي 1573 تمت هزيمة إبراهيم حسين.
أما جوجيرات فقد لبثت نحو قرنين خاضعة لسيادة المغول وكانت مع ثغر سورات من أسباب دعم الإمبراطورية المغولية. وفي يوليو عام 1576 قتل ملك البنغال داود بن سليمان، الذي كان مستقلا بالفعل تحت السيادة الرسمية للمغول، وكان من أثر قتله في حربه ضد المغول أن أصبحت البنغال جزءا من إمبراطوريتهم، التي بلغت حدودها في غضون عشرين عاما من كاتش إلى ساندرباندس.
أما كشمير فقد أصبحت إسلامية منذ استطاع رئيس الوزارة ميرزا شاه من سوات أن يؤسس في النصف الأول من القرن الرابع عشر أسرة مالكة إسلامية بعد انقراضها، شاعت في كشمير الفوضى إلى أن أخضعها أكبر في 1591.
وفي 1590 ضمت إلى الإمبراطورية المغولية أوريسا، وفي 1592 السند، وفي 1594 قندهار بعد أن تم ضم بلوخستان والميكران، وفي 1596 سلمت بيرات بعد أن هاجم أحمد ناجار جيش ابن أكبر الأمير مراد الذي مات في مايو 1599 وعبد الرحيم جان الخانان. وفي 1600 استولى الإمبراطور على أحمد ناجار، وفي 1601 على أسيرجار، وفي أثناء هذا ثار سليم ابن الإمبراطور ونادى بنفسه إمبراطورا في الله اباد ثم عفا عنه والده خاصة بعد وفاة الأمير دنيال ابن الإمبراطور في 1604، وكان استيلاؤه على الجزء الشمالي من الدكن آخر حملاته العسكرية.
ولعل من أكبر ما واجهه أكبر من المتاعب التي كادت تودي بعرشه ما أحاط بعقيدته الإسلامية من الريب؛ إذ كان يستمع للأديان الأخرى وكان يبني دار عبادة خانه التي دعا إليها علماء السنيين والشيعة والحنفية والشريفية خاصة بين عامي 1575 و1576؛ وحين دعا إليه بعثة الجيزويت التبشيرية ووصلت إلى فاثبور سكرى في آخر فبراير 1580، وقبل هذا في 1578 زاره الأب بيريرا؛ أي أن أكبر كان يصغي إلى التعاليم المسيحية ويحمي مبشريها. ثم إن الشيخ مبارك رجل أكبر الديني، قد نادى في دار «عبادة خان» أن للملك سلطته الزمنية، السلطة الروحية على رعاياه، وخرج الإمبراطور من بحوثه إلى «الدين الإلهي».
وعند بعض المؤرخين أن أكبر لم يخرج عن أصول الإسلام بل اختلف مع أئمته على التفصيلات وفي سبيل الإصلاح الديني، وعند آخرين منهم البدويني أنه ارتد عن الإسلام.
وقد لقب مفتي الإمبراطورية وخان بادخشان وممثلو المسلمين الأعلام أكبر بلقب «الإمام العادل» وأنه حيال اختلاف الأئمة والمذاهب والآراء الدينية، تكون كلمة الإمبراطور هي القول الفصل، كذلك كان يبدي من ضروب التسامح نحو المبشرين المسيحيين ونحو رعاياه الهندوس ويأخذ بعاداتهم التي لا تتعارض مع مبادئ الإنسانية وذلك بتحريم عادة الساتي إذا اقترنت باستعمال الإرغام. (راجع ص23-26 من «الجيزويت والمغول الأكبر» للسير إ. ماكلاحابه، والبدويني جزء 2 ص263 و279 و280 و284، ومقال الثقافة الإسلامية» للسيد أمير علي في مجلة الكوارتارلي ريفيو عدد أكتوبر 1927، وفي المجلة نفسها مقال عن «شخصية أكبر» بقلم ب. ك. مينون الكاتب الهندوسي، عدد يوليو 1927).
وممن ثاروا أو حاولوا الثورة على أكبر لنزعاته الدينية هذه، البنغال في 1580، والملا محمد يازدي، غازي جونيور، ومحمد حكيم في كابول. وقد قمع أكبر هذه الفتن وقتل أكثر العصاة بعد مقاومة دامت سنوات مصطحبا معه محمد قاسم خان مهندس حصن أجرا لإنشاء الطرق. وفي 1581 دخل كابل مرخصا لحكيم بأن يكون حاكما في أفغانستان إلى أن مات في 1585 وضمت إلى الإمبراطورية. وقتل أكبر وزير ماليته خواجه شاه منصور للخيانة العظمى. ويقول بعض المؤرخين: إنه كان ضحية تزوير ورقة عليه، وقد اتخذ أكبر الأوردية لغة لرعاياه المسلمين والهندوس.
وقد نادى أكبر بأنه خليفة الله أو ظله على الأرض، وأن الدعوة الإسلامية قد مضى عليها ألف سنة وانتهى أمرها، قائلا في مذهبه أو دينه الجديد إنه يوجد إله واحد وإن الشمس أو النجوم أو النار تجوز عبادتها كممثلة للإله. وكان أبو الفضل أحد أنصار «الدين الإلهي» الذي انتقده صراحة وعلنا القائد خان عزام ميرزا عزيز ابن مهام أناجا.
وفي 27 أكتوبر سنة 1605 مات الإمبراطور جلال الدين محمد أكبر بادشاه، وتم دفنه طبقا لطقوس السنيين على أثر انحطاط صحته في سبتمبر 1605 بداء الدسنطاريا في سن الرابعة والستين إلا أشهرا بعد أن حكم الهند نحو خمسين سنة.
ناپیژندل شوی مخ