هي الثانية في ترتيب الخطورة بين هذه المركبات الكيمائية الجهنمية؛ إذ إنها أكثر ضررا وإيذاء من النوعين السابقين، ولكنها أقل خطرا من الغازات الخانقة كالكلور والفوسجين، وإن كانت أحيانا تودي بالإنسان إلى الموت الزؤام.
وهي فوق ذلك من النوع الذي تبقى غازاته متبخرة في الجو وقتا طويلا؛ بحيث قد يضطر سكان أحياء برمتها إلى هجرها إلى أن تطهرها لهم فرق مكافحة الغازات السامة.
وأهم هذه «الغازات» اثنان: أحدهما يسمى «غاز الخردل».
والثاني يسمى «لويسايت».
أما «غاز الخردل»؛ وهو «ثاني كلور أشيل سلفيد» فيصل إلى الأرض بشكل سائل يشبه الزيت، وله رائحة خاصة به تشبه لدى بعض الناس رائحة الخردل، ولكن البعض يشبهونها برائحة الثوم أو البصل. ولكن الاعتماد على الأنف في اكتشافه لدى الإغارات الحربية غير مأمون تماما؛ إذ إن حاسة الشم سرعان ما تتأثر منه بحيث يعسر اكتشافه بعد ذلك، بل إن بعض الناس لا يشعرون برائحة مطلقا ما لم يكن بكميات وافرة.
وهذا الغاز سهل الذوبان في البنزين والكحول والمواد الذهنية والقار «الزفت» وغيرها من الوسائل. ونظرا لسهولة ذوبانه في المواد الدهنية؛ فإن جلد الإنسان يمتصه بسهولة فيدخل من المجاري التنفسية، ويسبب أضرارا بالغة للإنسان تؤدي أحيانا إلى الموت.
أما قابليته للذوبان في القار «الزفت» فلها أهمية كبرى؛ إذ إن سطح الشوارع المغطاة بهذا الطلاء تمتصه، فيبقى فيها خطرا كامنا مدة طويلة.
ولدى سقوط سائل الخردل هذا في مكان فإنه يتبخر بكل بطء، فيبقى بخاره وغازه في الجو أمدا طويلا بحيث يدوم الخطر أياما. وسواء أكان ... فإنه مركب شديد التهيج، والسائل أكثر مفعولا بطبيعة الحال.
ويختلف هذا المركب الخطير عن جميع الغازات السابقة نظرا لتنوع الطرق التي يؤذي بها الإنسان وتعدد أشكالها؛ فنجد مثلا أنه إذا سقط على الأرض أو تلطخت به الحيطان فإن الغاز المتصاعد منه يؤذي العينين والرئتين والأجزاء العارية من الجسم. بل قد وجد أن الملابس قد تمتص هذا الغاز، ناهيك عن السائل، فيخترقها تدريجيا إلى الجلد المغطى ويسبب حروقا شديدة به، وإن يكن المصاب مع ذلك قد حمل إلى خارج المنطقة الملوثة به.
ونجد كذلك أن مجرد لمس الأرض أو المواد الأخرى المبللة بسائله يسبب بعد وقت قليل حروقا في اليد أو الأقدام كما حدث لبقية الجسم إذا وصل السائل إلى ملابس بأي سبيل كان.
ناپیژندل شوی مخ