Mas'ala al-Iman: A Foundational Study
مسألة الإيمان دراسة تأصيلية
ژانرونه
وإذا كان الإيمان يزول بزوال عمل القلب، فغير مستنكر أن يزول بزوال أعظم أعمال الجوارح، ولاسيما إذا كان ملزومًا لعدم محبة القلب وانقياده الذي هو ملزوم لعدم التصديق الجازم كما تقدم تقريره، فإنه يلزم من عدم طاعة القلب عدم طاعة الجوارح؛ إذ لو أطاع القلب وانقاد، أطاعت الجوارح، وانقادت، ويلزم من عدم طاعته وانقياده عدم التصديق المستلزم للطاعة، وهو حقيقة الإيمان. فإن الإيمان ليس مجرد التصديق، كما تقدم بيانه، وإنما هو التصديق المستلزم للطاعة والانقياد، وهكذا الهدى ليس هو مجرد معرفة الحق وتبيِّنه، بل هو معرفته المستلزمة لاتباعة، والعمل بموجبه، وإن سمي الأول هدى، فليس هو الهدى التام المستلزم للاهتداء، كما أن اعتقاد التصديق، وإن سمي تصديقًا، فليس هو التصديق المستلزم للإيمان، فعليك بمراجعة هذا الأصل ومراعاته» اهـ.
*ملاحظة وتنبيه:
ولما كان الكفر شعبًا كثيرة، فإن هذه الشعب متفاوتة، الكفر فيها درجات، فمنها الكفر الأكبر كسب الله ورسوله ودينه، ومنها الكفر الأصغر؛ كسب المسلم وقتله والنياحة، كما أن الكفر الأكبر، شعبه متفاوتة أيضًا تفاوتًا واضحًا، وكل من نوعي الكفر الأكبر والأصغر على مراتب بعضها أشد من بعض، ولذا يقول شيخ الإسلام ابن تيمية كما في الفتاوى (٢٠/٨٧): «واعلم أن الكفر بعضه أغلظ من بعض، فالكافر المكذب أعظم جرمًا من الكافر غير المكذب؛ فإنه جمع بين ترك الإيمان المأمور به، وبين التكذيب المنهي عنه، ومن كفر وكذَّب وحارب الله ورسوله والمؤمنين بيده أو لسانه، أعظم ممن اقتصر على مجرد الكفر والتكذيب، ومن كفر وقتل وزنا وسرق وصد وحارب كان أعظم جرمًا» اهـ.
٣-أن الكفر نوعان: كفر أكبر مخرج عن الملة، ومحبط للعمل، وموجب للخلود في النار، ولا يُغفر لصاحبه، وينفى عن صاحبه اسم الإيمان أصلًا وكمالًا، كالسحر وسب الله أو رسوله أو دينه أو كتابه أو الإعراض عن دين الله..!!
1 / 48