العرب؛ لأنّ مِن كلامهم أن يكون المسكوت عنه في معنى المذكور، ويكون بخلافه، ألا ترى إلى قوله ﷿: ﴿وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ﴾ [الإسراء: ٣١]، وكذلك قوله ﷿: ﴿وَلَا تَكُونُوا أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ﴾ [البقرة: ٤١]، ولا يَحِلُّ الكفرُ بالقرآن على حال من الأحوال، وكذلك قوله: "لَا يَحِلُّ لأَحَدٍ أَنْ يَسْفِكَ بِهَا دَمًا حَرَامًا"، وكذلك غيرُها إذا كان الدم حرامًا، وقد أجمعوا أنّه يجوز بها سَفْك دماءِ الدواجنِ كلِّها غيرِ الصيد، وأمّا اختلافُ العلماء فيمن وَجَب عليه حَدّ أو قِصاص فهرب إلى الحَرَم ودخله واستجار به، فإنّ طائفة منهم قالت: مَن قَتل في غير الحَرَم، ثمّ جاء إلى الحرم ودخله، لم يُقَم عليه الحدُّ في الحرم (١)، لقول الله ﷿: ﴿وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا﴾ [آل عمران: ٩٧]، قالوا: ومَن قَتَل في الحَرَم قُتل في الحرم (٢)، وروى ابن جُرَيج عن عطاء عن ابن طاووس قال: مَن أَحدَث في الحَرَم حَدَثًا أَقَمتُ عليه حَدَّه، ومَن أَحدَث حدثًا في غير الحَرَم ثمّ لجأ إلى الحَرَم ودخله لم يُتعرّض، ولكنّه لا يُأوى، ولا يُبايع، ولا يُكلَّم حتّي يَخرُج من الحَرَم، فإذا خرج من الحرم أُقِيم عليه الحدّ لمِا أحدث (٣).