============================================================
المسائا المشكلة منها، فكما لا يجوز التعجب من الأفعال غير المزيدة كذلك لا يجوز التعحب من (كان) هذه. ألا ترى: أنه لا يكون زمان ماض أشد مضيا من زمان آخر ماض، فلا يجوز أن تقع تلك في التعجب لما قلنا.
و ولا يجوز أن تكون التي بمعنى (وقع)، لأنه لو كانت تلك لوجب أن تنقل إلى (أفعل)، ولم يجز أن يعدى إلا إلى اسم مفرد، نحو: زيد، وعبد الله فلا يجوز أن يكون موضع (أحسن) في قولك: (ما كان أحسن) نصبا، لوقوعه موقع خبر (كان)، فقد بان أن (كان) في قولك: ما كان أحسن زيدا، لا تكون إلا ملغاة.
فإن قال: أجعل (ما) في التعجب موصولا غير مبهم، فأجعل (كان) في صلته، وأجعل الضمير الذي فيه راجعا إلى (ما)، و(أحسن زيدا)، في موضع خبره.
قيل له: هذا يدخله من الفساد ما يدخله في الأول وأشد، لأن تقديره: هذا الذي كان أحسن زيدا، أو شيء كان أحسن زيدا. ولو جاز في هذا أن يكون الفعل على (فعل) دون (أفعل) لجاز في غيره، وكذلك لو حاز أن يكون: (أحسن زيدا) خبره لجاز أن يكون غيره من الجمل خبره، وهذا القول لم تعلم أحدا قال به.
فإن قال: لا أجعل (أحسن زيدا) في موضع خبر لساما)، ولكن متصلا ب(كان) والخبر مضمر، كما يقول أبو الحسن في هذا (1).
قيل له: هذا لا يصلح، لأن الخبر المضمر لا يخلو من أن يكون محهولا أو معروفا، فإن كان محهولا لم يجز إضماره، لأن المضمرات إنما تحذف في اللفظ، وتراد في المعى، لمعرفتها والعلم ها، وإذا خهلت لم ثضمر، فلا يجوز هذا أن يكون مجهولا.
وإن كان معروفا لم يجز أن يضمر، لما يدخل الكلام من الاختصاص إذا عرف بالتعريف في هذا الموضع، والتخصيص غير مقصود ولا مراد لأنه موضع القصد فيه الاشاعة والإهام، ولذلك كان تعجبا، فإذا تخصص زال أن يكون تعجبا، وخرج عن الحد الذي وضع له، وهذا يفسد القول الذي تقدمه أيضا.
(1) لم أعثر على رأي أبي الحسن الأحفش في كتابه معاني القرآن، وقد ذكر أبو بكر بن السراج رأي الأحفش، فقال: وقال الأخفش: إذا قلت: ما أحسن زيدا، فما في موضع الذي و(أحسن زيدا) صلتها، والخبر محذوف. انظر: الأصول 116/1، وشرح الكاقية للرضي 288/2.
مخ ۵۱