يُبطله قيامه مقام الفاعل، لأن كونه مفعولًا معه يقتضي أن يكون مع فاعل ليكون مفعولًا معه، فإذا أقمته مقام الفاعل لم يكن مفعولًا معه كما لا يكون الباب الأول مفعولًا له، ويمتنع إقامة هذا الاسم مقام الفاعل من وجه آخر، وهو أنه لا يخلو إذا أقمته مُقام الفاعل من أن تذكرَ الحرف الذي تدل به على أنه مفعول معه أو لا تذكره فإن أقمته مقام الفاعل ولم تذكر الحرف الذي يدل به على أنه مفعول معه لم يجز؛ لأن الاسم به يُدل على أنه مفعول معه فإذا لم تذكره لم يدُل على ذلك، وإن ذكرت الحرف أيضًا لم يجز، وذلك أن الحرف وإن لم يكن عاطفًا هنا فإنه يمتنع استعماله إلا على حد ما كان في العطف.
ألا ترى أنه في هذا الموضع، وفي نحو قوله تعالى: (وطائفةٌ قد أهمتهم أنفسهم) لا يقع إلا تابعًا لجملة أو مفرد كما لا يكون في العطف الصحيح إلا كذلك؟
وإذا كان كذلك لم يجز أن يُذكر الحرف معه في حال إقامتك إياه مُقام الفاعل.
ومثل الواو في هذا الفاء في جواب "أما" ألا ترى أنها وإن كانت غير عاطفة فإنها لا تكون إلا تابعة على حد ما تكون في العطف.
فلما كان إتباعهم إياها الحرف الذي قبلها يخرجها عما تكون عليه في العطف رُفِض ذلك فلم يُستعمل إلا بتقديم اسم أو شيء مما يقع بعدها قَبْلها ليكون اللفظ على ما ينبغي أن يكون عليه.
1 / 231