334

مصابیح ساطعه انوار

المصابيح الساطعة الأنوار

ژانرونه

علوم القرآن

((فمن شاء اتخذ إلى ربه مآبا (39))) يقول سبحانه: فمن شاء من الخلق اتخذ في دار دنياه وقبل فنائه وانقضائه إلى ربه سبيلا، أي يجده غدا عنده من العمل بطاعته والإتباع لمرضاته.

ومعنى ((اتخذ إلى ربه مآبا (39))) هو جعل بينه وبينه وصلة لا تنقطع، وسبيلا يوصله إلى جناته، ويوجب له ما وعد المطيعين من ثوابه حتى يدخر له بطاعته واتباع مرضاته فوزا يؤوب إليه، ويؤوب: ينقلب فيه وإليه، ومعنى ((مآبا)) هو موئلا ومرجعا يجده عند رجوعه إلى ربه، وسببا عند الله يصادفه عند مآبه إلى دار آخرته، يسره المنقلب إليه، وينفعه المآب فيه.

ثم قال سبحانه: ((إنا أنذرناكم عذابا قريبا)) يريد دانيا قد أزف حينه، وقرب وقته، ومعنى ((أنذرناكم)) هو حذرناكم، وتقدمنا إليكم وأعذرنا في قطع الحجة بيننا وبينكم قبل مصيركم إلى العذاب بتماديكم في المعاصي المهلكات والمآثم الموبقات.

ثم أخبر بوقت ذلك العذاب فقال: ((يوم ينظر المرء ما قدمت يداه)) فأخبر سبحانه أن ذلك العذاب يكون في ذلك اليوم الذي ينظر فيه المرء ما قدمت يداه ((ويقول الكافر يا ليتني كنت ترابا (40))) وهو يوم الحشر والحساب ومواقعة العقاب والعذاب، ومعنى ((ينظر)) فهو: يجد ما قدمت يداه، معنى وجوده لما قدمت يداه: هو وجوده لجزاء فعله ومواقعته ومعاينته لصدق ما وعد وأوعد على فعله مما اكتسبته يداه في حياته وقبل وفاته.

مخ ۳۴۹