325

مصابیح ساطعه انوار

المصابيح الساطعة الأنوار

ژانرونه

علوم القرآن

ألا تسمع كيف يقول سبحانه فيما أمر به الملائكة عليهم السلام من السجود له عند إظهار ما يظهر من قدرته في خلق آدم صلى الله عليه حين قال: ((فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين)) [ص:72] قال: نفخت فيه من روحي، يقول: جعلت فيه وركبت وسويت وخلقت فيه روحا به تمامه، وبكينونته فيه قوامه، ثم نسبه إليه؛ لأنه خلقه وفعله كما قال: ((يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم)) [الزمر:53] فنسبهم إليه إذ هم فطرته وخلقه، وفعله وأمره قال الله سبحانه في مريم عليها السلام: ((ومريم ابنت عمران التي أحصنت فرجها فنفخنا فيه من روحنا)) [التحريم:12] يريد: جعلنا في الرحم ما جعلنا من خلقنا، وخلقنا فيه من غير ذكر ما خلقنا من عبدنا الذي جعلناه آية لعبادنا، ثم نفخنا في ذلك الخلق روحا، ونفخنا: فهو ركبنا وجعلنا وأدخلنا وثبتنا فيه روحا به كمال ذلك الخلق المخلوق، وقوام ذلك العبد المجعول.

ثم قال سبحانه: ((فتأتون أفواجا (18))) والأفواج: فهي الجماعات الكثيرات الآتيات معا معا، زمرا زمرا، يقول: تأتون إلى الميقات الذي وقت لكم والموضع المحشر الذي جعل لكم محشرا وموضعا للحساب وموقفا.

ثم قال: ((وفتحت السماء فكانت أبوابا (19) وسيرت الجبال فكانت سرابا (20))) يخبر سبحانه عن تقطع السماء وتفتحها، وتقلعها وتمزقها، حتى تكون بعد جودة الإنحباك قطعا، وبعد الإستواء أبوابا مفتحة ومزقا حتى تكون كالمهل السائل، بعد العظم والتجسيم الهائل.

ومعنى قوله: ((وسيرت الجبال فكانت سرابا (20))) وتسييرها: فهو نسفها وإذهابها، والنسف: فهو القلع والإهلاك والإزالة عما هناك، حتى تعود أمكنتها قاعا صفصفا، لا ترى فيها عوجا ولا أمتا، والقاع الصفصف: فهو الموضع الأملس المرت الخالي من كل شيء، الذي لا يستتر منه جانب عن جانب، ولايتوارى فيه صاحب عن صاحب، والعوج: فهو المتفاوت في الإرتفاع والإنخفاض، والأمت: فهو الإختلاف.

مخ ۳۴۰