279

مصابیح ساطعه انوار

المصابيح الساطعة الأنوار

ژانرونه

علوم القرآن

ثم أخبر سبحانه عن الفريقين جميعا خبرا في التخليد لهم فيما هم فيه صادقا قاطعا فقال: ((وما هم عنها بغائبين (16))) وفي قوله: ((وما هم عنها بغائبين (16))) يثبت أنهم جميعا لما هم فيه غير فاقدين، المؤمنون غير مقطوع عنهم ما هم فيه من النعيم، والكافرون فغير مفارقين أبدا لما هم فيه من العذاب الأليم، لأنهم لو فقدوه طرفة عين كانوا عنه غائبين، وخبر الله في أنهم [عنه] غير غائبين خبر صدق وحق ويقين، يقول الله سبحانه على عظيم يوم الدين دالا موقفا، ولكبر أمره معرفا: ((وما أدراك ما يوم الدين (17) ثم ما أدراك ما يوم الدين (18))) وقد قلنا قبل هذا: إن الله سبحانه إذ قال لنبيئه مع ما جعل له من قوة العلم في أمره في شيء يخبره عنه: ((وما أدراك ما)) كذا؟! فإنما يدله على كبره، وقد لا يكتفي بذكر ما أدراك مرة واحدة حتى قال ذلك مؤكدا ومكررا ومرددا ثانية: ((ثم ما أدراك ما يوم الدين)) تنبيها منه جل جلاله على فهم ذلك اليوم وماله من الكبر والعظم، لأن الله العظيم الجليل الأعظم لا يستعظم إلا عظيما، ولا يذكر بالكبر والتكبير إلا كبيرا، ومتى ما قال تبارك وتعالى: وما أدراك .. ثم ما أدراك، فهذا فهو في غاية التوكيد والإفهام لنبيه على ما ينبغي من الإكبار ليوم الدين والإعظام.

وكذلك إذا قال الله سبحانه لنبيئه عليه السلام: وما أدراك .. ثم ما أدراك في شيء من عجيب آياته وأمره فليعلم من سمع ذلك حيث كان من القرآن أنه لعظم المذكور وكبره وقدره.

مخ ۲۹۴