مصابیح ساطعه انوار
المصابيح الساطعة الأنوار
ژانرونه
ثم قال سبحانه: ((إن سعيكم لشتى)) فجعل عملهم متفرقا متشتتا لأن عمل المتفرقين من المبطلين والمحقين بر وفجور، وصدق وزور، فهو كله شتى متفرق، هذا باطل في نفسه، وهذا حق، أما تسمع كيف يقول الله سبحانه في تشتته وتباينه في الدنيا والآخرة وتفاوته: ((فأما من أعطى واتقى (5) وصدق بالحسنى (6) فسنيسره لليسرى(7))) فإعطاؤه هو لما يجب من الحقوق عليه واتقاؤه فهو فيما أمر بالتقوى لله ((وصدق بالحسنى)) فهو تصديقه بأن سيجزى.
وتأويل ((فسنيسره لليسرى)) فهو سنصيره من الكرامة والثواب إلى ما سيراه عند موته وفي حشره، وما سيعاينه في الموت والحشر من أمره.
وتأويل ((وأما من بخل واستغنى(8))) بما يراه عند نفسه غنى من ماله وكسبه، وبخل منه به عن ربه ((وكذب بالحسنى(9)))
وتأويل ((فسنيسره للعسرى)) هو سنصيره من الإهانة والعقاب إلى ما سوف يرى.
وتأويل ((وما يغني عنه ماله إذا تردى)) فهو وما ينفعه في الغناء حاله ((إذا تردى)) تأويله إذا هلك وردي بعد أن كان قد أرشد وهدي، وما أغنى ممن أغناه من دنياه، وملكه الله إياه فجعله الله له فهو لله قبله ألا تسمع كيف يقول في ذلك تعالى: ((إن علينا للهدى (12) وإن لنا للآخرة والأولى (13) فأنذرتكم نارا تلظى)) وما كان من النيران أن يتلظى فهو أشدها لهيبا وسعيرا، وأنكرها في الحر والتحريق مصيرا.
مخ ۲۲۸