الْحَشْر، وَوصف مَا للْكفَّار وَالْمُؤمنِينَ.
وَقد فرَّق بَعضهم بَين التَّخَلُّص والاستطراد، بِأَن التَّخَلُّص تتْرك فِيهِ مَا انْتَقَلت عَنهُ من غير عودٍ إِلَيْهِ، أما الاستطراد فتمرُّ فِيهِ بِمَا استطردت إِلَيْهِ كالبرق الخاطف، ثمَّ تتركه وتعود إِلَى مَا كنت فِيهِ كَأَنَّك لم تقصده، وَإِنَّمَا عَرض عُروضًا، وعَلى هَذَا يكون مَا فِي سُورَة الْأَعْرَاف من الاستطراد لَا التَّخَلُّص؛ لِأَنَّهُ عَاد فِيهَا بعد ذَلِك إِلَى قصَّة مُوسَى بقوله: ﴿وَمِنْ قَوْمِ مُوسَى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ ...﴾ (الْآيَة ١٥٩) .
وَيقرب من حسن التَّخَلُّص الِانْتِقَال من حَدِيث إِلَى آخر تنشيطًا للسامع، مَفْصُولًا بَينهمَا بِلَفْظ (هَذَا)، كَقَوْلِه تَعَالَى فِي سُورَة ص بعد ذكر الْأَنْبِيَاء: ﴿هَذَا وَإِنَّ لِلطَّاغِينَ لَشَرَّ مَآبٍ﴾ (الْآيَة ٥٥)، فَإِن هَذَا الْقُرْآن نوع من الذّكر، فَلَمَّا انْتهى ذكر الْأَنْبِيَاء - وَهُوَ نوع من التنْزيل - أَرَادَ أَن يذكر نوعا آخر، وَهُوَ ذكر الْجنَّة وَأَصلهَا، فَلَمَّا فرغ من هَذَا قَالَ: ﴿هَذَا وإنَّ للطاغين لشرَّ مآب﴾، فَذكر النَّار وَأَهْلهَا.
وَيقرب من حسن التَّخَلُّص أَيْضا حسنُ الْمطلب، وَهُوَ أَن يخرج إِلَى الْغَرَض بعد تقدم الْوَسِيلَة، كَقَوْلِه تَعَالَى فِي سُورَة الْفَاتِحَة: ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾» (١) .
ثمَّ نقل السُّيُوطِيّ عَن «بعض الْمُتَأَخِّرين» مَا يصلح أَن يكون قَاعِدَة عَامَّة مركَّزة فِيمَا يجب على طَالب الْمُنَاسبَة من أُمُور يجب أَن يُحكمها، ومعارف يلْزم أَن ينظر فِيهَا.. وَقد أحسن الشَّيْخ عبد المتعال الصعيدي - أَيْضا - فِي تهذيبها،