49

Masabeeh al-Durar fi Tanasub Ayat al-Qur'an al-Karim wa al-Suwar

مصابيح الدرر في تناسب آيات القرآن الكريم والسور

خپرندوی

الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة

شمېره چاپونه

العدد١٢٩-السنة ٣٧

د چاپ کال

١٤٢٥هـ

ژانرونه

والنجمُ تستصغرُ الْأَبْصَار رُؤْيَته ... والذنبُ للطَّرف لَا للنجم فِي الصغرِ
» (١)
وَفِي بَيَان بعض عجائب هَذَا التَّرْتِيب الْحَكِيم يَقُول: «اعْلَم أَن سنة الله فِي تَرْتِيب هَذَا الْكتاب الْكَرِيم وَقع على أحسن الْوُجُوه، وَهُوَ أَنه يذكر شَيْئا من الْأَحْكَام، ثمَّ يذكر عَقِيبه آيَات كَثِيرَة فِي الْوَعْد والوعيد، وَالتَّرْغِيب والترهيب، ويقرن بهَا آيَات دَالَّة على كبرياء الله وجلال قدرته وعظمة إلهيته.. ثمَّ يعود مرّة أُخْرَى إِلَى بَيَان الْأَحْكَام. وَهَذَا أحسن أَنْوَاع التَّرْتِيب، وأقربها إِلَى التَّأْثِير فِي الْقُلُوب لِأَن التَّكْلِيف بِالْأَعْمَالِ الشاقة لَا يَقع فِي موقع الْقبُول إِلَّا إِذا كَانَ مَقْرُونا بالوعد والوعيد، وَلَا يُؤثر فِي الْقلب إِلَّا عِنْد الْقطع بغاية كَمَال من صدر عَنهُ الْوَعْد والوعيد. فَظهر أَن هَذِه الترتيبات أحسن الترتيبات اللائقة» (٢) .
والرازي يحاول أَن يظْهر السُّورَة القرآنية من جِهَة، وَالْقُرْآن كُله - من جِهَة أُخْرَى - كوحدة متكاملة، وَفِي سَبِيل ذَلِك قد يرفض أَي شَيْء مِمَّا قد يُؤثر فِي نظرته الْكُلية إِلَى الْوحدَة القرآنية ... كَأَن يرفض سَبَب نزُول مثلا نَقله الْمُفَسِّرُونَ، وَيرى هُوَ أَنه يَقْتَضِي وُرُود آياتٍ لَا يتَعَلَّق بَعْضهَا بِبَعْض، وَيُوجب أعظم أَنْوَاع الطعْن فِي الإعجاز القرآني.. وَذَلِكَ مثل كَلَامه حول قَوْله تَعَالَى: ﴿وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا لَقَالُوا لَوْلا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ﴾ (فصلت / ٤٤) (٣) .
كَمَا أَن الرَّازِيّ يهتم بِبَيَان حِكْمَة تَرْتِيب الْكَلِمَات فِي الْآيَة الْوَاحِدَة بِجَانِب تَرْتِيب الْآيَة فِي سياقها، لَا سِيمَا فِيمَا قد يدل ظَاهره على عدم مُرَاعَاة

(١) انْظُر: مَفَاتِيح الْغَيْب، فَخر الدّين الرَّازِيّ، تَصْوِير دَار الْكتب العلمية - طهران، ٢/٣٩٤
(٢) نفس الْمصدر، ١١/٦٢
(٣) انْظُر نفس الْمصدر: ٢٧/١٣٣، وَكَذَلِكَ: الرَّازِيّ مُفَسرًا، ٢٣٨، ٢٣٩

1 / 61