32

Masabeeh al-Durar fi Tanasub Ayat al-Qur'an al-Karim wa al-Suwar

مصابيح الدرر في تناسب آيات القرآن الكريم والسور

خپرندوی

الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة

د ایډیشن شمېره

العدد١٢٩-السنة ٣٧

د چاپ کال

١٤٢٥هـ

ژانرونه

الْحِكْمَة -، وَمن أصدق من تكلم فِيهِ..
فقد كَانَ يرى ﵀ أَن مشكلة الْعَجز عَن النظرة الشاملة للرؤية القرآنية أدَّت إِلَى لون من تقطيع الصُّورَة وتمزيقها، أَو إِلَى التَّبْعِيض المورِث للخزي الْوَاقِع فِي حياتنا الْيَوْم، وَكَأَنَّهُ صدى لقَوْله تَعَالَى ناعيًا على بنى إِسْرَائِيل: ﴿أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ﴾ (الْبَقَرَة /٨٥) ..
وَكَانَ ﵀ يَقُول: «نخشى أَن تكون علل الْأُمَم السَّابِقَة قد انْتَقَلت إِلَيْنَا.. على الْأَقَل من النَّاحِيَة النظرية، وَأخذ بعض مَقَاصِد الْآيَة أَو السُّورَة وَترك مَا وَرَاءَهَا للتبرك والتلاوة ﴿نخشى أَن نَكُون قد وقعنا فِي هَذَا فعلا.. نَحن نَعِيش الْآن مرحلة التَّبْعِيض والتفاريق﴾» (١) ..
وَمن ثَمَّ؛ كَانَ الشَّيْخ الْغَزالِيّ يركز على أَن الْقُرْآن يتَقَدَّم إِلَيْنَا برسالة حَيَاة شَامِلَة، لَا تدع جُزْءا مِنْهَا إِلَّا وتمتد إِلَيْهِ، وَأَن الْوَحْي الإلهي يجْرِي خلال هَذَا النسق القرآني كَمَا تجْرِي الدِّمَاء فِي الْعُرُوق.. وَمن أَقْوَاله الحكيمة فِي ذَلِك: «إِن الرُّؤْيَة القرآنية لَا يُمكن إِلَّا أَن تكون حضارة كَامِلَة.. تعاليم الْقُرْآن كلُّها متماسكة فِي عُصارة وَاحِدَة تجمعها من أَولهَا إِلَى آخرهَا» .
وَلذَلِك كَانَ ﵀ يرى أَن إنْشَاء تَفْسِير موضوعي - بِنَاء على هَذِه الرُّؤْيَة المتكاملة، الَّتِي تلحظ النظام والتناسب والترابط فِي آيَات الْقُرْآن وسوره - رُبمَا تشكِّل مُنْطَلقًا ثقافيًا جادًا لرؤية قرآنية شَامِلَة (٢) .
وَلَعَلَّه، لذَلِك أَيْضا، كَانَ يرى أَن الْمُسْتَقْبل لمثل هَذَا اللَّوْن من التَّفْسِير،

(١) انْظُر: كَيفَ نتعامل مَعَ الْقُرْآن، مُحَمَّد الْغَزالِيّ (مدارسةٌ أجراها مَعَه عمر عبيد حَسَنَة)، المعهد العالمي للفكر الإسلامي، ط ٣ / ١٩٩٢، ص. ٧: ٧٣.
(٢) كَيفَ نتعامل مَعَ الْقُرْآن، ص ٧٣.

1 / 44