فقال لي دون أن يخفف من حدته: بل الشأن في كل شيء يدعو للرثاء! - حسن أن تشعر بذلك وأن تؤمن به، ولكن من ذا الذي ينبري للإصلاح سواكم؟ - لن أشغل نفسي بهذه الأفكار. - ولكن وطنك قيمة لا يمكن إنكارها أو تجاهلها؟
فقال بهدوء نسبي: وطني الأول هو العلم!
ثم بعد تردد كأنما حاسب فيه نفسه: الوطن ... الاشتراكية ... القومية العربية ... ماذا أقول؟ لا تتصورني عابثا ... كلا ... ولكن ماذا بقي لنا بعد 5 يونيو؟!
فقلت: مضت على النكسة أعوام خليقة بأن تجعل منها درسا لا نكسة.
فقال لي عبده البسيوني: لا فائدة، إنه جيل لا يقتنع إلا بما في رأسه.
فقال جاد أبو العلا: لا بأس من ذلك ولكن لا يجوز أن ينسى وطنه.
فقال الدكتور بلال: لا منقذ لنا سوى العلم، لا الوطنية ولا الاشتراكية، العلم والعلم وحده، وهو يواجه المشكلات الحقيقية التي تعترض مسير الإنسانية، أما الوطنية والاشتراكية والرأسمالية فتخلق كل يوم مشكلات نابعة من أنانيتها، وضيق نظرها، وتبتكر لها من الحلول ما يضاعف في النهاية من حصيلة المشكلات الحقيقية.
فسألته: وماذا يمنعك من أن تكون باحثا وعالما في وطنك؟ - توجد موانع وموانع، استعداد بدائي للبحث وجو خانق للفكر والعدالة والتقدير، لذلك أفكر في الهجرة، وسأكون في أمريكا أعظم فائدة لوطني مما لو بقيت فيه، فالعلم لجميع البشر، باستثناء علم الحرب والهلاك فالعلم لجميع البشر.
وسأل جاد أبو العلا عبده البسيوني: وماذا عن شقيقته؟ - ستحصل على بكالوريوس في الصيدلة في نهاية العام الدراسي وهي متحمسة أكثر منه للهجرة.
فضحك الرجل عاليا وقال: وفتى الأحلام؟ ألم تفكر في هذه المشكلة؟ - إن ما نعده مشكلة يعدونه لعبا.
ناپیژندل شوی مخ