مراح لبید
مراح لبيد لكشف معنى القرآن المجيد
پوهندوی
محمد أمين الصناوي
خپرندوی
دار الكتب العلمية - بيروت
د ایډیشن شمېره
الأولى - 1417 هـ
ژانرونه
قصدوا بالتحكيم معرفة الحق وإقامة الشرع، وإنما طلبوا ما هو أهون عليهم وإن لم يكن ذلك حكم الله على زعمهم ثم يعرضون عن حكمه صلى الله عليه وسلم الموافق لكتابهم من بعد التحكيم، والرضا بحكمه صلى الله عليه وسلم فقوله تعالى: وعندهم التوراة حال من فاعل يحكمونك. وقوله تعالى:
فيها حكم الله حال من التوراة. وقوله تعالى: ثم يتولون معطوف على يحكمونك.
وما أولئك أي البعداء من الله بالمؤمنين (43) بالتوراة وإن كانوا يظهرون الإيمان بها ولا بك ولا بمعتقدين في صحة حكمك وإن طلبوا الحكم منك وذلك دليل على أنه لا إيمان لهم بشيء وأن مقصودهم تحصيل منافع الدنيا فقط إنا أنزلنا التوراة فيها هدى أي بيان الأحكام والشرائع والتكاليف ونور أي بيان للتوحيد والنبوة والمعاد يحكم بها أي انقادوا لحكم التوراة النبيون الذين أسلموا أي انقادوا لحكم التوراة فإن من الأنبياء من لم تكن شريعته شريعة التوراة والذين كانوا منقادين لحكم التوراة هم الذين كانوا من مبعث موسى إلى مبعث عيسى عليهما السلام وبينهما ألف نبي وكلهم بعثوا بإقامة التوراة حتى يحدوا حدودها ويقوموا بفرائضها، ويحلوا حلالها ويحرموا حرامها.
وقال الحسن والزهري وعكرمة وقتادة والسدي: يحتمل أن يكون المراد بالنبيين الذين أسلموا هو سيدنا محمدا صلى الله عليه وسلم لأنه حكم على اليهوديين بالرجم، وكان هذا حكم التوراة وإنما ذكر بلفظ الجمع تعظيما له، ولأنه قد اجتمع فيه من خصال الخير ما كان حاصلا لأكثر الأنبياء. وقال ابن الأنباري هذا رد على اليهود والنصارى لأن بعضهم كانوا يقولون: الأنبياء كلهم يهود أو نصارى. فرد الله عليهم بذلك. أي فإن الأنبياء ما كانوا موصوفين باليهودية والنصرانية بل كانوا مسلمين أي منقادين لتكاليف الله تعالى. وفي ذلك تنبيه على قبح طريقة هؤلاء اليهود المتأخرين فإن غرضهم من ادعاء الحكم بالتوراة أخذ الرشوة واستتباع العوام، وتعريض بهم بأنهم بعدوا عن الإسلام الذي هو دين الأنبياء عليهم السلام للذين هادوا متعلق بيحكم أي يحكمون بها فيما بين اليهود والربانيون والأحبار أي ويحكم بها العلماء المجتهدون الذين انسلخوا عن الدنيا وسائر العلماء من ولد هارون الذين التزموا طريقة النبيين بما استحفظوا أي بسبب الذي استحفظوا من جهة النبيين من كتاب الله وهو التوراة. فإن الأنبياء سألوا الربانيين والأحبار أن يحفظوا التوراة من التغيير والتبديل وذلك منهم عليهم السلام استخلاف لهم في إجراء أحكامها من غير إخلال بشيء منها وكانوا عليه أي ذلك الكتاب شهداء أي كان هؤلاء النبيون والربانيون والأحبار شهداء على أن كل ما في التوراة حق وصدق وأنه من عند الله، فحقا كانوا يمضون أحكام التوراة ويحفظونها عن التحريف والتغيير. فلا تخشوا الناس أيها اليهود واخشون أي إياكم وأن تحرفوا كتابي للخوف من الناس والملوك والأشراف فتسقطوا عنهم الحدود الواجبة عليهم وتستخرجوا الحيل في سقوط تكاليف الله تعالى عنهم فلا تكونوا خائفين
مخ ۲۷۰