Mara'at al-Mafatih Sharh Mishkat al-Masabih
مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح
خپرندوی
إدارة البحوث العلمية والدعوة والإفتاء-الجامعة السلفية
د ایډیشن شمېره
الثالثة - ١٤٠٤ هـ
د چاپ کال
١٩٨٤ م
د خپرونکي ځای
بنارس الهند
ژانرونه
وأما شتمه إياي فقوله: اتخذ الله ولدًا، وأنا الأحد الصمد الذي لم ألد ولم أولد، ولم يكن لي كفوًا أحد» .
ــ
لم يمتنع لذاته وجوده ثانيًا وإلا لزم انقلاب الممكن لذاته ممتنعًا لذاته وهو محال، وتنبيه على مثال يرشد العامي وهو ما يرى في الشاهد أن من اخترع صنعة لم ير مثلها ولم يجد لها أصلًا، صعب عليه ذلك وتعب فيها تعبًا شديدًا وافتقر فيها إلى مكابدة أفعال ومعاونة أعوان ومرور أزمان، ومع ذلك فكثيرًا لا يستت له الأمر ولا يتم له المقصود، ومن أراد إصلاح منكسر أو إعادة منهدم، وكانت العدد حاصلة والأصول باقية هان عليه ذلك وسهل جدًا، فيا معشر الغواة! تحيلون إعادة أبدانكم وأنتم تعترفون بجواز ما هو أصعب منها، بل هو كالمتعذر بالنسبة إلى قدركم وقواكم، وأما بالنسبة إلى قدرة الله تعالى فلا سهولة ولا صعوبة، يستوي عنده تكوين بعوض طيار وتخليق فلك دوار كما قال: ﴿وما أمرنا إلا واحدة كلمح بالبصر﴾ [٥٤: ٥٠]، والحاصل أن إنكارهم الإعادة بعد أن أقروا بالبداية تكذيب منهم له تعالى، والجملة حالية وعاملها قوله في "فقوله" وصاحبها الضمير المضاف إليه في قوله (اتخذ الله ولدًا) أي اختاره سبحانه، وإنما كان ذلك شتمًا لما فيه من التنقيص؛ لأن الولد إنما يكون أي عادة عن والدة تحمله ثم تضعه ويستلزم ذلك سبق نكاح، والتناكح يستدعي باعثًا له على ذلك، والله تعالى منَزه عن جميع ذلك (وأنا الأحد) أي المنفرد المطلق ذاتًا وصفاتًا، وقيل: إن أحدًا وواحدًا بمعنى، وأصل أحد وحد بفتحتين، وقيل: ليسا مترادفين بل بينهما فرق من حيث اللفظ والمعنى جميعًا من وجوه، ذكره القسطلاني في شرح البخاري نقلًا عن شرح المشكاة. والجملة حالية كما مر (الصمد) فعل بمعنى مفعول كالقنص والنقص، وهو السيد المصمود أي المقصود إليه في الحوائج، الغني عن كل أحد (لم ألد ولم أولد) لأنه لما كان الواجب الوجود لذاته قديمًا موجودًا قبل وجود الأشياء وكان كل مولود محدثًا انتفت عنه الولدية، ولما كان لا يشبهه أحد من خلقه ولا يجانسه حتى يكون له من جنسه صاحبة فيتوالد انتفت عنه الوالدية. ومن هذا قوله: ﴿أنى يكون له ولد ولم تكن له صاحبة﴾ [٦: ١٠٢] . (ولم يكن لي كفوًا) بضم الكاف والفاء وسكونها مع الهمزة وضمهما مع الواو، ثلاث لغات متواترات يعني مثلًا وهو خبر كان وقوله (أحد) اسمها أخر عن خبرها رعاية للفاصلة، ولي متعلق بكفوًا وقدم عليه لأنه محط القصد بالنفي، ونفي الكفو يعم الوالدية والزوجية وغيرها، قال الطيبي: ذكر الله تعالى تكذيب ابن آدم وشتمه وعظمتهما، ولعمري أن أقل الخلق وأدناه إذا نسب ذلك إليه استنكف وامتلأ غضبًا وكاد يستأصل قائله، فسبحانه ما أحمله وما أرحمه ﴿وربك الغفور ذو الرحمة لو يؤاخذهم بما كسبوا لعجل لهم العذاب بل لهم موعد لن يجدوا من دونه موئلًا﴾ [١٨: ٥٧] ثم انظر إلى كل واحد من التكذيب والشتم وما يؤديان إليه من التهويل والفظاعة، أما الأول فإن منكر الحشر يجعل الله عزوجل كاذبًا، والقرآن الذي هو مشحون بإثباته مفترى، ويجعل كلمة الله تعالى في خلق السموات والأرض عبثًا ولعبًا. قال الله تعالى: ﴿إن ربكم الله الذي خلق
1 / 84