وفي نظمنا الاجتماعية تخاف المرأة أكثر من الرجل، وهذا الخوف يشل تفكيرها ويجعلها تحجم وتتراجع، في حين يقدم الرجل ويجرؤ.
لقد نالت المرأة حريتها الخارجية في أوربا، ولكنها إلى الآن لم تحقق حريتها الداخلية. وهي هنا مثل المرأة المصرية التي تحررت عمليا من الحجاب المنزلي، ولكنها لا تزال، نفسيا واجتماعيا، في الحجاب.
والمرأة لذلك أقل ذكاء من الرجل.
هي أقل ذكاء لا لأن مواهبها الطبيعية الوراثية تنقص عن مواهب الرجل؛ وإنما لأنها تخاف أكثر منه بحكم الأوضاع الاجتماعية. وأيضا هي تحيا في قيود وأسيجة ذهنية نفسية تحد من تفكيرها.
إن الذكاء اجتماعي. وعلى قدر اختلاطنا واهتمامنا بالمجتمع نفتق في معانيه. ولكن المرأة التي حرمت هذا الاختلاط، وهذا الاهتمام، قد حرمت أيضا هذا التفتيق في المعاني الاجتماعية، وعطل ذكاؤها، ولم تتكون لها شخصية لهذا السبب.
ونحن حين نحدد نشاط المرأة بالبيت نحدد أيضا ذكاءها؛ إذ ما هي شئون البيت؟ هل هذه الدائرة المنزلية والاهتمامات المتعلقة بمصلحة أربعة أو خمسة أشخاص تكفي لتربية الذكاء؟
إن المقارنة السريعة بين سيدة تؤدي عملا تجاريا أو ماليا أو حكوميا أو صحفيا أو تعليميا، بامرأة لا تؤدي غير الواجبات المنزلية توضح لنا الصفة الاجتماعية للذكاء؛ إذ على قدر الاختلاط بالمجتمع يكون الذكاء، وعلى قدر الحرمان يكون التبلد.
وكذلك الشأن فيما نسميه «شخصية»، فإنما تكبر الشخصية بمقدار ما يتناول الشخص من ارتباطات ومسئوليات اجتماعية وبمقدار ما يهتم بالسياسة والاقتصاد والارتقاء العام. وشئون المنزل لا تكفي لإيجاد الشخصية الناضجة لهذا السبب.
وعندما يقول أحد إن المرأة أقل ذكاء من الرجل أجدني أصدقه. ولكن امتياز الرجل عليها يعود إلى أنه يعمل في مجتمع تتعدد مرافقه ومعارفه على آفاق رحبة تزيد اختباراته، بينما هي تعمل في مجتمع البيت تخدم خمسة أو ستة أشخاص، فاختباراتها ومعارفها محدودة.
ولذلك أيضا نجد في مصر محاميات وطبيبات ومعلمات وموظفات بالحكومة والبنوك والمتاجر لكل منهن شخصية تتمتع بذكاء وأحيانا بعبقرية كالرجال سواء؛ لأنها اختبرت المجتمع وانتفعت باختباراتها منه مثل الرجل.
ناپیژندل شوی مخ