وهم صادقون في اتهام الزنوج بالغباوة، ولكن ليس مرجع هذه الغباوة أن مواهبهم الطبيعية (التي ولدوا بها) ناقصة؛ إذ هم لا يختلفون في الذكاء «الطبيعي» عن الأوربيين، وإنما هم غير أذكياء لأنهم نشئوا وحولهم أسيجة تحول بينهم وبين الاهتمام بالشئون الاجتماعية والسياسية العامة. فحين تكون الانتخابات، للمجالس البلدية أو للبرلمان، لا يكون لهم رأي. وإذن هم لا يفكرون في هذه الشئون. ثم هم يمنعون من التعليم الجامعي الذي يرفعهم إلى اهتمامات اجتماعية. وهم أيضا لا يحصلون على المقدار الكافي من النقود التي تبعث فيهم الاستطلاع بالاستمتاع في شئون مختلفة. وتنتهي حالهم إلى أن يضعوا هم أنفسهم أسيجة داخلية يمتنعون بها عن التفكير؛ أي إنهم يعطلون ذكاءهم.
السياج الخارجي الذي وضعه الأوربيون لمنعهم من الاهتمامات الاجتماعية يؤدي إلى إقامة سياج داخلي يمتنع به الزنوج عن هذه الاهتمامات طلبا للسلامة.
وهم في كل ذلك يخافون البيض. وليس مثل الخوف عامل يشل التفكير ويحطم الذكاء. كما ليس مثل الحرية والشجاعة عامل يبعث التفكير وينبه الذكاء.
وليس للزنجي، في أفريقيا الجنوبية، شخصية، ولا يمكن أن تكون له عبقرية؛ لأن الشخصية والعبقرية اجتماعيتان. وحين نحرم الزنجي النشاط الاجتماعي نحرمه أيضا هاتين الميزتين.
ولكن ليس من الضروري أن نكون زنوجا محرومين كي تتبلد أذهاننا؛ لأن بيننا كثيرين قد استقر الرق في قلوبهم وعينوا لأنفسهم حدودا لا يتخطونها في التفكير الاجتماعي أو الفلسفي أو العلمي أو الأدبي أو الاقتصادي. وهذه الحدود هي أسيجة داخلية تعوقهم عن الوصول إلى الذكاء فضلا عن العبقرية.
على قدر اهتماماتنا واشتباكاتنا بالمجتمع في نظمه المختلفة، وفي علومه وآدابه وفنونه، وعاداته وعقائده، وثروته واقتصاده، وممكناته وتاريخه، تكون قدرتنا على التفتيق في كل هذه الأشياء؛ أي يكون ذكاؤنا بل عبقريتنا.
وأيما حدود تفرض علينا من الخارج، أو نفرضها نحن على أنفسنا من الداخل للخوف أو الوقار أو الحياة، حتى لا نبحث هذا الموضوع أو لا نتساءل ونستطلع، هذه الحدود تعطل ذكاءنا وتلغي عبقريتنا.
وهذا هو حال المرأة في جميع الأمم.
وصحيح أن هذه الحدود قد حطم الكثير منها في الأمم الأوربية والأمريكية وبعض الآسيوية، وأصبحت المرأة تستمتع بقسط غير صغير من الحرية؛ وبذلك بدأ ذكاؤها كما أصبحت لها شخصية.
ولكنها لا تزال بقوة التقاليد والعادات الاجتماعية تقيم هي لنفسها حدودا داخلية تمتنع بها عن الكثير من النشاط الاجتماعي؛ وبذلك تحد من ذكائها.
ناپیژندل شوی مخ