270

بيضاء مليحة الساج مفتوحة الباب ، ونساء وقوف عليه ، قلت لهم : من مات؟ أو ، ما الخبر؟ فأومأوا إلى داخل الدار ، فدخلت فإذا بدار نظيفة في نهاية الحسن ، وفي صحنها امرأة شابة لم أر قط أحسن منها ولا أبهى ولا أجمل ، وعليها ثياب حسنة ، وملتحفة بإزار أبيض ، وفي حجرها رأس رجل يشخب دما ، فقلت : من أنت؟ قالت : لا عليك ، أنا فاطمة بنت رسول الله (ص)، وهذا رأس ابني الحسين (ع)، قولي لابن أصدق عني أن ينوح :

لم امرضه فأسلو

لا ولا كان مريضا

فانتبهت فزعة ، وقالت العجوز : لم امرطه (بالطاء المهملة ؛ لأنها لا تتمكن من إقامة الضاد) فسكنتها حتى نامت.

فقال أبوالحسن الكاتب لعلي التنوخي : يا أبا القاسم ، مع معرفتك بابن أصدق قد حملتك الأمانة وألزمتك أن تبلغها له. فقال التنوخي : سمعا وطاعة لأمر سيدة نساء العالمين (عليها السلام).

وكان هذا في شهر شعبان والناس يومئذ يلاقون جهدا جهيدا من الحنابلة إذا أرادوا الخروج إلى الحائر فلم أزل اتلطف إليهم حتى خرجت فكنت في الحائر ليلة النصف من شعبان ، فسألت عن ابن أصدق حتى رأيته وقلت له : إن فاطمة (عليها السلام) تأمرك أن تنوح بالقصيدة :

لم امرضه فأسلو

لا ولا كان مريضا

وما كنت أعرف القصيدة قبل ذلك ، فانزعج من هذا ، فقصصت عليه وعلى من حضر الحديث ، فأجهشوا بالبكاء ، وما ناح تلك الليلة إلا بهذه القصيدة ، وأولها :

أيها العينان فيضا

واستهلا لا تغيضا

وهي لبعض الشعراء الكوفيين. وعدت إلى أبي الحسن فأخبرته الخبر (1).

* السلب

مخ ۲۹۹