سلام الله عليه عن هذا الحال بقوله : «الآن انكسر ظهري ، وقلت حيلتي» (1).
وبان الانكسار في جبينه
فاندكت الجبال من حنينه
وتركه في مكانه ؛ لسر مكنون أظهرته الأيام ، وهو أن يدفن في موضعه منحازا عن الشهداء ؛ ليكون له مشهد يقصد بالحوائج والزيارات ، وبقعة يزدلف إليها الناس ، وتتزلف إلى المولى سبحانه تحت قبته التي ضاهت السماء رفعة وسناء ، فتظهر هنالك الكرامات الباهرة وتعرف الامة مكانته السامية ومنزلته عند الله تعالى ، فتؤدي ما وجب عليهم من الحب المتأكد والزيارات المتواصلة ، ويكون (عليه السلام) حلقة الوصل فيما بينهم وبين الله تعالى. فشاء حجة الوقت أبو عبد الله (ع) كما شاء المهيمن سبحانه أن تكون منزلة أبي الفضل الظاهرية شبيهة بالمنزلة المعنوية الاخروية ، فكان كما شاءا وأحبا.
ورجع الحسين (ع) إلى المخيم منكسرا حزينا باكيا يكفكف دموعه بكمه ، وقد تدافعت الرجال على مخيمه فنادى : «أما من مغيث يغيثنا؟ أما من مجير يجيرنا؟ أما من طالب حق ينصرنا؟ أما من خائف من النار فيذب عنا؟» (3) فأتته سكينة وسألته عن عمها ، فأخبرها بقتله. وسمعته زينب فصاحت : وآ أخاه! وآ عباساه! وآ ضيعتنا بعدك! وبكين النسوة وبكى الحسين معهن وقال : «وآ ضيعتنا بعدك!»
نادى وقد ملأ البوادي صيحة
صم الصخور لهولها تتألم
مخ ۲۷۰