الدرع وجعل يقلبه في كفه وعيناه تذرفان بالدموع ، وهو يقول : يا سلمان هذا هو الزهد في الدنيا ، هذا الذي أخبرنا به موسى بن عمران في «التوراة» ، فأنا أشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، فأسلم وحسن إسلامه ، ودفع لسلمان صاعا من تمر ، وصاعا من شعير ، فأتى به سلمان إلى فاطمة فطحنته بيدها واختبزته ، وأنت به إلى سلمان ، وقالت له : «خذه وامض به الى النبي صلى الله عليه وآله » ، فقال سلمان : يا فاطمة خذي منه قرصا تعللين به الحسن والحسين؟ فقالت : «يا سلمان! هذا شيء أمضيناه لله عز وجل ، فلسنا نأخذ منه شيئا» ، فاخذه سلمان وأتى النبي ، فلما نظره صلى الله عليه وآله قال : «يا سلمان من أين لك هذا»؟ قال : من منزل ابنتك فاطمة.
قال : وكان النبي صلى الله عليه وآله لم يطعم طعاما منذ ثلاث ، فقام حتى أتى حجرة فاطمة فقرع الباب ، وكان إذا قرع الباب لا يفتح له إلا فاطمة فلما فتحت له نظر إلى صفرة وجهها وتغير حدقتيها ، فقال : «يا بنية! ما الذي اراه من صفرة وجهك ، وتغير حدقتيك» قالت : «يا أبة إن لنا ثلاثا ما طعمنا ، وأن الحسن والحسين اضطربا علي من شدة الجوع ، ثم رقدا كأنهما فرخان منتوفان».
قال : فنبههما النبي صلى الله عليه وآله وأجلس واحدا على فخذه الأيمن ، وواحدا على فخذه الأيسر ، وأجلس فاطمة بين يديه ، واعتنقهم ، فدخل علي بن أبي طالب فاعتنق النبي من ورائه ، ثم رفع النبي طرفه إلى السماء ، وقال : «إلهي وسيدي ومولاي هؤلاء أهل بيتي ، اللهم فاذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا» ، ثم وثبت فاطمة إلى مخدعها فصفت قدميها وصلت ركعتين ، ثم رفعت باطن كفيها إلى السماء ، وقالت : «إلهي وسيدي هذا نبيك محمد ؛ وهذا علي ابن عم نبيك ؛ وهذان الحسن والحسين سبطا نبيك ،
مخ ۱۱۸