237

فأطرق الوليد برأسه إلى الأرض ساعة ، ثم رفع رأسه ، وقال : ليت الوليد لم يولد ، ولم يكن شيئا مذكورا ، ثم دمعت عيناه ، فقال له مروان : أيها الأمير! لا تجزع مما ذكرت لك ، فإن آل أبي تراب هم الأعداء من قديم الدهر ، ولا يزالون ، وهم الذين قتلوا عثمان ، وهم الذين ساروا إلى أمير المؤمنين معاوية فحاربوه ، وبعد فإني لست آمن أيها الأمير! إن لم تعاجل الحسين بن علي خاصة ، أن تسقط منزلتك من أمير المؤمنين يزيد؟

فقال له الوليد : مهلا ، ويحك دعني من كلامك هذا ، وأحسن القول في ابن فاطمة فإنه بقية ولد النبيين ، ثم بعث الوليد إلى الحسين بن علي ؛ وعبد الرحمن بن أبي بكر ؛ وعبد الله بن عمر ؛ وعبد الله بن الزبير ؛ فدعاهم وأقبل إليهم رسوله ، وهو عمرو بن عثمان ، فلم يصب القوم في منازلهم ، فمضى نحو المسجد فإذا هم عند قبر النبي صلى الله عليه وآله فسلم عليهم ، ثم قال : الأمير يدعوكم فصيروا إليه.

فقال الحسين : «نفعل ذلك إذا نحن فرغنا من مجلسنا إن شاء الله».

قال : فانصرف الرسول إلى الوليد وأخبره بذلك ، وأقبل عبد الله بن الزبير على الحسين فقال : يا أبا عبد الله! إن هذه ساعة لم يكن الوليد بن عتبة يجلس فيها للناس ، وإني قد أنكرت بعثه إلينا ودعاءه إيانا في مثل هذا الوقت ، أفترى لما ذا بعث إلينا؟

فقال له الحسين : «أنا اخبرك : أظن أن معاوية قد مات ، وذلك إني رأيت البارحة في منامي كأن معاوية منكوس ، ورأيت النار تشتعل في داره ، فتأولت ذلك في نفسي أن قد مات معاوية». فقال ابن الزبير : فاعلم أن ذلك كذلك ، فما ذا ترى نصنع يا أبا عبد الله! إن دعينا إلى بيعة يزيد .

فقال الحسين : «أما أنا فلا ابايع أبدا ، لأن الأمر كان لي بعد أخي

مخ ۲۶۴